للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من أساليب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقي عليهم بعض الأسئلة التي تحتاج الإجابة عنها إلى علم وذكاء وفطنة، شحذا لأذهانهم على التفكير، واختبارا لذكائهم، وتنشيطا لهم، وذلك مثل قوله: «إنّ من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، ولا ينقطع نفعها، وإنها مثل المسلم، حدّثوني ما هي؟» قال ابن عمر:

(فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي أنها النخلة) ولكنه استحيى أن يجيب احتراما لكبار الصحابة، ولما أخبر أباه بهذا بعد قال له: لأن كنت قلتها أحب إليّ من أن يكون لي حمر النّعم.

وقد استرعى انتباه الكاتبين من فلاسفة الغرب في تاريخ الحضارات وارتقاء الشعوب، أن الأمة الإسلامية طفرت طفرة واحدة في زمن وجيز على خلاف العادة والمعروف، وعجبوا لهذا، ولو أنهم وضعوا في حسبانهم أن المربّي هو النبي المؤيد بالايات، والمثل الأعلى للمربين، والهداة والمرشدين، وأن عماد هذه التربية هو القران معجزة المعجزات- لزال العجب، ولعلموا أن هذا من إعجاز القران الاجتماعي والأخلاقي، إلى جانب إعجازه العلمي والبياني، وإلا فلن يستطيعوا أن يعلّلوا ذلك بمقتضى النظر المادي.

لقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم من شأن العلم والعلماء حينما قال كما قال الله: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وقال: «العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر» «١» . ورفع من شأن المربين والمصلحين حينما قال لعلي رضي الله عنه: «فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النّعم» «٢» . وبحسب العلماء والمربين والمعلمين هذا التقدير من إمام العلماء وقدوة المربين.


(١) رواه أبو داود والترمذي.
(٢) رواه الشيخان.

<<  <  ج: ص:  >  >>