للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الأوّل الميلاد

وتقدمت أشهر الحمل بالسيدة الشريفة امنة بنت وهب، وهي تترقب الوليد الذي لم تجد في حمله وهنا، ولا ألما، وهتف بها هاتف قائلا: «إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع على الأرض فقولي:

«أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، وسميه محمدا» .

وبلغ الكتاب أجله، وبعد تسعة أشهر أذن الله للنور أن يسطع، وللجنين المستكن أن يظهر إلى الوجود، وللنسمة المباركة أن تخرج إلى الكون، لتؤدي أسمى وأعظم رسالة عرفتها الدنيا في عمرها الطويل.

ففي صبيحة اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل «١» ، الموافق سنة سبعين وخمسمائة من ميلاد السيد المسيح، حيث بدأ الصبح يتنفس، واذن نور الكون بالإشراق، افتر ثغر الدنيا عن مصاصة البشر «٢» ، وسيد ولد ادم، وأكرم مخلوق على الله: سيدنا محمد بن عبد الله.

ولما وضعته السيدة والدته خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب، حتى رأت منه قصور بصرى بالشام، ووقع جاثيا على ركبتيه، معتمدا على يديه، رافعا رأسه إلى السماء، ثم أخذ قبضة من التراب فقبضها. روى


(١) هذا الذي ذكره ابن إسحاق وهو المشهور، وقيل: ولد لليلتين خلتا من ربيع الأول، وقيل: لتسع ليال، وكذلك اختلف في سنة ميلاده الميلادية فقيل ما ذكرنا، وقيل سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وهو الذي رجحه محمود باشا الفلكي.
(٢) يقال: فلان مصاص قومه، إذا كان أخلصهم نسبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>