للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن للجنين عند فقد الأب إلا شهران، وهذا الذي ذكرنا، من أن عبد الله مات، والنبي لا يزال حملا في بطن أمه، هو الذي ذكره شيخ كتاب السيرة ابن إسحاق، وتابعه عليه ابن هشام، وهو الرأي المشهور بين كتاب السير والمؤرخين، وكان عمر عبد الله حينذاك ثماني عشرة سنة «١» .

ويرى بعض العلماء أن والد النبي صلّى الله عليه وسلّم توفي بعد ميلاده وهو لا يزال في المهد، قيل: ابن شهرين، وقيل: أكثر من ذلك، والأول هو الراجح، وإن قال السهيلي: إن الرأي الثاني قول أكثر العلماء.

وترك عبد الله لابنه الجنين: خمسة من الإبل، وقطيعا من الغنم، وجارية هي أم أيمن بركة الحبشية حاضنته فيما بعد، وهذه الثروة، وإن لم تكن مظهر ثراء وسعة، فهي كذلك لم تكن مظهر فقر ومتربة.

[رثاء امنة لعبد الله]

وروي أن عبد الله لما توفي قالت السيدة امنة ترثيه:

عفا جانب البطحاء من ال هاشم ... وجاور لحدا خارجا في الغمائم «٢»

دعته المنايا دعوة فأجابها ... وما تركت في الناس مثل ابن هاشم

عشية راحوا يحملون سريره «٣» ... تعاوره أصحابه في التزاحم

فإن تك غالته المنون وريبها ... فقد كان معطاء كثير التراحم

[رؤيا لعبد المطلب]

روى أبو نعيم بسنده قال: قال عبد المطلب: «بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني، ففزعت منها فزعا شديدا، فأتيت كاهنة قريش فقلت لها:

إني رأيت الليلة كأن شجرة نبتت قد نالت رأسها السماء، وضربت بأغصانها المشرق والمغرب، وما رأيت نورا أزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين


(١) وهو الذي صححه الحافظ العلائي، والحافظ ابن حجر، واختاره السيوطي (شرح المواهب ج ١، ص ١٣١) .
(٢) هي الأغطية، والمراد بها الأكفان التي لفّ فيها.
(٣) هو النعش الذي يحمل عليه الميت.

<<  <  ج: ص:  >  >>