للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموقعة مع صحبه وهزموا جاء حماس لاهثا وهو يقول: أغلقي عليّ بابي، فقالت: فأين ما كنت تقول؟! فقال لها:

إنك لو شهدت يوم الخندمه ... إذ فر صفوان وفر عكرمه

وأبو يزيد قائم كالمؤتمه ... واستقبلتهم بالسيوف المسلمه

يقطعن كل ساعد وجمجمه ... ضربا فلا يسمع إلا غمغمه

لهم نهيت خلفنا وهمهمه ... لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه «١»

ولما قيل لرسول الله: هذا خالد بن الوليد يقتل، فقال: «قم يا فلان فأت خالدا فقل له يرفع يديه من القتل» . وكان هذا الفتح المبين في صبيحة العشرين من رمضان سنة ثمان، فلا عجب أن كان المسلمون يحتفلون في هذا اليوم بالذكرى الخالدة: ذكرى الفتح المبين.

[إجارة أم هانىء رجلين]

وكانت السيدة أم هانىء بنت أبي طالب زوج هبيرة بن أبي وهب المخزومي فرّ إليها يوم الفتح رجلان من أحمائها «٢» ، وهما: الحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية المخزوميان، فدخل عليها أخوها علي بن أبي طالب يريد قتلهما فمنعته أم هانىء، ثم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أعلى مكة، فلما راها قال: «مرحبا بك وأهلا يا أم هانىء ما جاء بك» ؟ فقالت: يا نبي الله كنت أمنت رجلين من أحمائي فأراد عليّ قتلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء» «٣» . وقد أسلم الحارث وزهير، وأما هبيرة زوجها فلم يسلم وأقام بمكة حتى مات كافرا.


(١) الخندمة: المكان الذي كانت به الموقعة، أبو يزيد: سهيل بن عمرو، المؤتمة: الاسطوانة أو المرأة مات عنها زوجها، الغمغمة: أصوات غير مفهومة، نهيت: صوت الصدر، همهمة: كلام خفي أو صوت يتردد في الصدر عند الحرب والطعن.
(٢) أحماء: جمع حم: أقارب زوج المرأة كالأب والأخ والعم.
(٣) رواه البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>