للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي الحييّ

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياء وأكثرهم عن العورات إغضاء، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها «١» ، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه) ، وقالت عائشة رضي الله عنها: (لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحّشا، ولا سخابا بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح) .

وكان لا يواجه أحدا بما يكره حياء وكرم نفس، عن أنس قال: (دخل عليه رجل به أثر صفرة، قال: وكان رسول الله لا يكاد يواجه أحدا بشيء يكرهه، فلما قام قال للقوم: «لو قلتم له يدع هذه الصفرة» ) . «٢» وكان إذا بلغه عن أحد ما يكرهه لم يقل ما بال فلان قال كذا أو فعل كذا ولكن يقول: «ما بال أقوام يقولون كذا أو يفعلون كذا» وهذا لعمر الحق أسلوب جليل في التربية واستماع النصيحة، وكان يقول: «الحياء من الإيمان» و «الحياء لا يأتي إلا بخير» «٣» .

ومع هذا فقد كان يغضب ويواجه بالحق إذا انتهكت حرمات الشرع، وينتصر لدين الله، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه


(١) العذراء: البنت البكر. الخدر: ما تستتر فيه المرأة من بيت ونحوه.
(٢) رواه الترمذي في الشمائل.
(٣) رواهما الشيخان.

<<  <  ج: ص:  >  >>