للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموضعا «١» وبنى عبد الله بامنة، وبقي في بيت أبيها ثلاثة أيام على عادة العرب في ذلك، حتى كان اليوم الرابع انتقل بها إلى منازل بني عبد المطلب، وعاش الفتى المرموق المحبوب المرضي عليه من الإله، والفتاة الوادعة الجميلة الشريفة أياما معدودات- لم تتجاوز عند جمهرة المؤرخين عشرة أيام- وقد شاء الله أن تكون الأيام العشرة هي عمر الحياة الزوجية في هذا الزواج المبارك.

[تعرض بعض النساء لعبد الله]

وقد ذكر ابن إسحاق أنه لما انصرف عبد الله مع أبيه قاصدين دار بني زهرة مرّا على امرأة من بني أسد بن عبد العزّى، وهي عند الكعبة، قيل اسمها قتيلة «٢» ، وهي أخت ورقة بن نوفل، فنظرت إلى وجه عبد الله فوجدت فيه نورا يتلألأ، فقالت له: لك مثل الإبل التي نحرت عنك، وقع علي الان «٣» ، فقال:

أنا مع أبي ولا أستطيع خلافه، ولا فراقه. وقيل في المرأة التي عرضت نفسها عليه أنها فاطمة بنت مرّ الخثعمية، وكانت من أجمل النساء وأعفهن، وكانت رأت نور النبوة في وجه عبد الله، وكانت ممن قرأ الكتاب القديمة، فقالت له:

يا فتى هل لك أن تقع علي الان، وأعطيك مائة من الإبل، فأبى.

ويروى أن عبد الله قال حين عرضت عليه المرأة نفسها:

أما الحرام فالحمام «٤» دونه ... والحل لا حل فأستبينه

فكيف بالأمر الذي تبغينه ... يحمي الكريم عرضه ودينه

وفي الحق أني في شك من هذا العرض، فالبيئة العربية ما كانت تسمح بهذا العرض، وكأنّ بعض العلماء شعر بما شعرت به، ففسّر عرض نفسها عليه بأنها عرضت عليه الزواج بها، ولكن البيتين المذكورين لا يلتقيان مع قصد الزواج، والوقوع عليها في الحلال!! فالله أعلم بصحة هذه القصة.


(١) نسبا: من جهة الأب، وموضعا من جهة الأم.
(٢) وقيل: اسمها رقية.
(٣) قالوا: يعني على سبيل الزواج.
(٤) وفي رواية: فالممات والمعنى واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>