للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي: إنّ هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة «١» واحدة، انطلقا، فو الله لا أسلمهم إليكما، ولا يكادون.

[محاولة أخرى للوقيعة بين المهاجرين والنجاشي]

فلما خرجا من عند النجاشي قال عمرو بن العاص: والله لاتينه غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم «٢» ، فقال له عبد الله بن أبي ربيعة: لا تفعل فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا، قال: والله لأخبرنّه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد.

ثم غدا عليه من الغد، فقال: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم ليسألهم عما يقولون فيه، فلما جاء الرسول قال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول- والله- ما قال الله وما جاءنا به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن!!

فلما دخلوا عليه قال لهم: ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال جعفر:

نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلّى الله عليه وسلّم، نقول: هو عبد الله ورسوله، وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.

فضرب النجاشي بيده إلى الأرض، فأخذ منها عودا، ثم قال: والله ما عدا «٣» عيسى بن مريم ما قلت هذا العود!!

فتناخرت «٤» بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال: وإن نخرتم والله، اذهبوا فأنتم سيوم «٥» بأرضي، من سبكم غرم (ثلاثا) ، ما أحب أن لي دبرا «٦»


(١) المشكاة الكوة غير النافذة، وهي محط المصابيح غالبا، والمراد أن القران والإنجيل من مصدر واحد، وهو الوحي الإلهي.
(٢) شجرتهم التي تفرّعوا منها.
(٣) ما جاوز أمر عيسى بن مريم.
(٤) تزاوموا لعدم الرضا.
(٥) السيوم: الامنون، وفي السيرة: شيوم وفسره بالامنين.
(٦) الدبر بلسان الحبشة: الجبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>