وكانت قريبة الفناء قصيرة البناء، ينالها الغلام الفارع بيده. قال الحسن البصري وكان غلاما مع أمه خيرة مولاة أم سلمة-: (قد كنت أنال أطول سقف في حجر النبي صلى الله عليه وسلم بيدي) .
ولما تمّت هجرة النبي وصاحبه أبي بكر رجع عبد الله بن أريقط دليلهما إلى مكة، فأرسلا معه زيد بن حارثة وأبا رافع- وهما موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم- ليأتوا بأهليهما، فذهبا وجاا ببنتي الرسول: أم كلثوم وفاطمة، وزوجته: السيدة سودة بنت زمعة، وأم أيمن زوج زيد، وابنها أسامة.
أما السيدة زينب فكانت في بيت زوجها أبي العاص بن الربيع حتى أرسلها بعد أن أسر في بدر كما سيأتي، وأما السيدة رقيّة فكانت مع زوجها عثمان رضي الله عنه. وقدمت معهما أيضا السيدة عائشة، وأمها أم رومان صحبة عبد الله بن أبي بكر، ومن ال أبي بكر أيضا السيدة أسماء بنت الصدّيق امرأة الزبير بن العوام، وهي حامل متمّ بابنها عبد الله بن الزبير.
ولم يكن مع رسول الله حينئذ من أزواجه إلا سودة بنت زمعة التي دخل بها بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها، أما السيدة عائشة فكان عقد عليها ولم يبن بها إلا في شوال بعد مقدمه المدينة بسبعة أشهر. وكان رسول الله كلما بنى بزوجة بنى لها حجرة، حتى اكتملت حجرات نسائه حول المسجد، وكان لكل حجرة بابان: خارجي وداخلي من المسجد، ليسهل دخول النبي إلى المسجد، وقد أضيفت هذه الحجر كلها إلى المسجد لما اضطروا إلى توسعته كما أسلفنا.
حمّى المدينة
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه إلى المدينة كانت أوبأ أرض الله من الحمّى، فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم، وصرف ذلك عن نبيه. وكان ممن وعكتهم الحمى وهدّت من كيانهم الصدّيق أبو بكر، وعامر بن فهيرة مولاه، وبلال بن رباح، فكان الصدّيق إذا اشتدت به الحمى يقول:
كل امرىء مصبّح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله