للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال: يا رسول الله إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله، وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله ورسوله وإلى الإسلام، لعل الله يهداهم، وإلا اذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم.

فأذن له رسول الله فلحق بمكة، وكان صفوان حين حرج عمير يمنّي نفسه الأماني، ويقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الان في أيام تنسيكم وقعة بدر، وكان يخرج فيتلقّى الركبان يسألهم عن عمير ليتأكد من نجاح المؤامرة، حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه، فسقط في يده، وحلف ألايكلمه أبدا ولا ينفعه بنفع أبدا، أما عمير فلما قدم مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام ويؤذي من خالفه أذى شديدا، فأسلم على يديه ناس كثير، وهكذا خرج كافرا جاهدا على قتل النبي، فإذا به يعود مؤمنا صادق الإيمان!!.

[قيمة الفداء]

وكانت قيمة الفداء يومئذ ما بين الأربعمائة والأربعة الاف درهم، كما رواه أبو داود في سننه، ومنهم من أخذ منه أربعون أوقية من ذهب عن نفسه كالعباس رضي الله عنه، ومن لم يكن له مال ويعرف القراءة والكتابة أعطوه عشرة من غلمان المدينة يعلمهم القراءة والكتابة. روى الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس قال: كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة، فجاء غلام يبكي إلى أمه، فقالت: ما شأنك؟ فقال: ضربني معلمي، فقالت: الخبيث يطلب بدخل بدر، والله لا تأتيه أبدا «١» . ومن لم يكن يعرف القراءة والكتابة منّوا عليه كأبي عزة الشاعر، والمطّلب بن حنطب المخزومي، أسره بعض بني الحارث بن الخزرج، فترك في أيديهم حتى خلّوا سبيله فلحق بقومه «٢» .

وقبول النبي صلى الله عليه وسلم تعليم القراءة والكتابة بدل الفداء في هذا الوقت الذي


(١) البداية والنهاية، ج ٣ ص ٣٣٨.
(٢) المرجع السابق ص ٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>