للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هدم مسجد الضرار وتحريقه]

كان أبو عامر الراهب ممّن حمل لواء العداوة لرسول الله من أول يوم قدم فيه المدينة. وقد دعاه رسول الله إلى الإسلام، وقرأ عليه القران فأبى، وقد كان يسمى الراهب لتنصره وترهبه في الجاهلية، فلما أبدى عداوته لله ورسوله قال النبي: «لا تقولوا: الراهب، بل قولوا: الفاسق» . وقد دعا عليه النبي أن يموت بعيدا طريدا فأصابته الدعوة، وهو الذي ألّب قريشا على المسلمين في أحد، وحفر الحفائر في ميدان المعركة كي يقع فيها المسلمون.

ولم يكفّ عن محاربة الرسول بعد أحد، فلما رأى أمر الرسول في ارتفاع وظهور، ورأى النصر يتوالى عليه ولا سيما بعد حنين وهزيمة هوازن، فرّ إلى هرقل ملك الروم يستنصر به، فوعده ومنّاه وأقام عنده، فكتب إلى جماعة من المنافقين بالمدينة يعدهم ويمنّيهم أنه سيقدم عليهم بجيش يقاتل به رسول الله، وأمرهم أن يتخذوا له معقلا يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لتبليغ كتبه، ويكون مرصدا لهم إذا قدم عليهم بعد ذلك.

فشرعوا في بناء هذا المسجد وكانوا اثني عشر رجلا، منهم: خذام بن خالد ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة بن حاطب «١» ، ومعتّب بن قشير،


(١) أو ابن أبي حاطب كان من المنافقين، وهو الذي روي أنه منع الزكاة لما اغتنى وترك الجمعة والجماعة فنزل فيه قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ الايات من سورة التوبة، وهو غير ثعلبة بن حاطب الأنصاري من بني أمية بن زيد وهو من أهل بدر، وذكر ابن الكلبي أنه مات بأحد، وقد نبه إلى ذلك الحافظ ابن حجر في الإصابة (ج ١ ص ١٩٨) وساق أدلة على ذلك، وقد وهم ابن إسحاق حيث عدّ الثاني ممن بنى مسجد الضرار ووهم ابن عبد البر في الاستيعاب حيث نسب إليه القصة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>