للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موادعة النبي اليهود]

لئن كان النبي صلى الله عليه وسلم بإخائه بين المهاجرين والأنصار بلغ الغاية في الحكمة والتدبير والسياسة، فقد كان العمل البارع حقا الذي يدل على الحنكة السياسية والقدرة الفائقة على حل المشاكل- هو ما قام به من موادعة اليهود ومحالفتهم، فقد كتب بين المهاجرين والأنصار كتابا وادع فيه اليهود وعاهداهم وأقرهم على دينهم وأموالهم، واشترط عليهم، وشرط لهم، وهذا هو نص الكتاب:

«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد النبي الأمي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس: المهاجرون من قريش على ربعتهم «١» يتعاقلون بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط، وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، ثم ذكر كل بطن من بطون الأنصار وأهل كل دار:

بني ساعدة، وبني جشم، وبني النجار، وبني عمرو بن عوف، وبني النبيت. إلى أن قال: وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا «٢» بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء وعقل، ولا يخالف مؤمن مولى مؤمن دونه، وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعهم، ولو كان ولد أحدهم، ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر؛ ولا ينصر


(١) ربعتهم: جماعتهم.
(٢) المفرح المثقل بالدين الكثير العيال، قاله ابن هشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>