للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصارنا، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما ظنك يا أبا بكر- باثنين الله ثالثهما» ، وفي هذا نزل قول الله تبارك وتعالى:

إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠) «١» .

ومكث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه في الغار ثلاث ليال حتى انقطع عنهم الطلب.

[لطم أبي جهل للسيدة أسماء]

قالت أسماء رضي الله عنها: لما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر أتانا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك يا بنت أبي بكر؟ فقلت: لا أدري- والله- أين أبي؟

فرفع أبو جهل يده- وكان فاحشا خبيثا- فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي!!.

وهكذا وصل السفه بأبي جهل أن يؤذي امرأة، وأن يتخلّى عن أخلاق العرب في الترفع عن مثل هذا، وأن ينزل بنفسه إلى هذا الدرك من الإسفاف.

كياسة السيّدة أسماء

روى ابن إسحاق بسنده عن السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت:

لما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخرج معه أبو بكر احتمل ماله كله معه، خمسة الاف درهم أو ستة الاف، فانطلق بها معه، فدخل علينا جدّي أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لا أراه إلا قد فجعكم بماله مع نفسه، فقلت: كلا يا أبت، إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا، قالت: فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في


(١) الاية (٤٠) من سورة التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>