للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقامت إليه فقالت: يا عبد الله من الرجل الذي كان معك؟ قال: أوما تدرين من هو؟ قالت: لا، قال: هو نبي الله، فأدخلها عليه، فأطعمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأعطاها- وفي رواية: فانطلقت معي وأهدت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا من أقط ومتاع الأعراب، فكساها وأعطاها، قال: ولا أعلمه إلا قال: وأسلمت.

وذكر صاحب «الوفاء» أنها هاجرت هي وزوجها، وأسلما، وفي شرح السنة للبغوي: هاجرت هي وزوجها، وأسلم أخوها حبيش، واستشهد يوم الفتح.

[هاد يهديناي الطريق]

وكان أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- شيخا «١» يعرف، لأنه كان كثير التردد على هذا الطريق الذي يمر بالمدينة في أسفار تجارته، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم شابا «٢» ، فيلقى الرجل أبا بكر وهو يعرفه، فيقول: يا أبا بكر: من هذا الرجل الذي بين يديك؟! فيقول: هذا رجل يهديناي السبيل، فيحسب السامع أنه يعني الطريق المحسوس، وإنما يعني الصديق طريق الخير والهداية.

وقد كان ما فعله الصديق بإيحاء من النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد ذكر ابن سعد في طبقاته أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي بكر: «أله الناس عني «٣» » وهذا من التحوط الحكيم في وقت اشتد فيه الطلب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فكان إذا سئل الصديق ممن


(١) أدركه الشيب.
(٢) يعني لم يلحقه الشيب، وقد يفهم من ظاهر هذا الكلام أن الصديق- رضي الله عنه- كان أسن من رسول الله وهو غير صحيح، وأما الأثر المشهور على الألسنة أن النبي قال لأبي بكر: «أينا أسن أنا أم أنت» ؟ قال: «أنت أكبر وأكرم، وأنا أسن منك» فقد قال فيه الإمام ابن عبد البر: هذا مرسل ولا أظنه إلا وهما، وقال الحافظ ابن حجر: وهو كما ظن، وإنما يعرف هذا للعباس، وأما أبو بكر فقد ثبت في صحيح مسلم عن معاوية أنه عاش ثلاثا وستين سنة، وكان قد عاش بعد النبي سنتين وأشهرا، فيلزم على الصحيح أن يكون أصغر من النبي بأكثر من سنتين.
(٣) أي اصرفهم عن معرفة حقيقة أمري.

<<  <  ج: ص:  >  >>