للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[متى كان الإذن بالهجرة]

والذي ظهر لي بعد البحث والتأمل أن الإذن في الهجرة كان بعيد بيعة العقبة الأولى، وأن ذلك كان قبل بيعة العقبة الثانية بنحو عام، كما تدل على ذلك قصة هجرة أبي سلمة وزوجه أم سلمة الاتية عند ابن إسحاق، وكما قال موسى بن عقبة في «مغازيه» «١» .

[أول من هاجر إلى المدينة]

وكان أول من هاجر إليها سيدنا أبو سلمة بن عبد الأسد «٢» ، وذلك قبل بيعة العقبة الثانية بسنة، وكان قد عاد من الحبشة إلى مكة، فاذاه أهلها، فلما بلغه إسلام من أسلم من الأنصار، وأذن النبي لأصحابه كان أول مهاجر إليها، وكان خرج بزوجه أم سلمة، ومعهما ابنهما سلمة، فخرج يقود بهما بعيره، فلما رأته رجال من بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم- وهم عشيرة زوجه وابنة عمه أم سلمة- قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك قد غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتك هذه، علام نتركك تسير بها في البلاد؟ فنزعوا خطام البعير من يده، وانتزعوها منه، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد- رهط أبي سلمة- فقالوا:

والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا «سلمة» فيما بينهم حتى خلعت يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، وأما أم سلمة فقد حبسها بنو المغيرة عندهم، وفرّقوا بينها وبين زوجها وولدها، ومع كل هذا انطلق أبو سلمة إلى الله مهاجرا، ولم يلو على أهل، ولا ولد، ولا مال حتى وصل إلى قباء فأقام بها حتى وصلت إليه زوجه بعد عام.

[محنة أم سلمة]

أما أم سلمة فكانت تخرج كل غداة فتجلس في الأبطح، فما تزال تبكي


(١) شرح المواهب ج ١ ص ٣٨٤.
(٢) هو أخو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الرضاع، أرضعتهما ثويبة جارية أبي لهب، وابن عمته برة بنت عبد المطلب. وهو من السابقين الأولين، ومن خيار المسلمين، استشهد بعد أحد في أوائل السنة الرابعة للهجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>