للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العداوات والإحن فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة- الأوس والخزرج- بهذه البلاد، لا والله ما لنا إذا اجتمعوا بها من قرار، فأمر شابا من اليهود كان معه فذكّرهم بيوم بعاث «١» وما كان فيه، وما تقاولوا فيه من الأشعار، ففعل، فتكلم القوم وتفاخروا، وتواثبوا حتى قال أحدهم للاخر: إن شئتم رددتها- أي الحرب- الان جذعة، وغضب الفريقان، وتنادوا: السلاح السلاح موعدكم الحرة.

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب إليهم في جماعة من المهاجرين حتى جاءهم فقال: «يا معشر المسلمين، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، وألف بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا؟! الله الله» .

فأفاق القوم من غضبهم، وعلموا أنها نزغة شيطانية وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح، وبكوا، وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله سامعين مطيعين، وفي هذا نزل قول الله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ. وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. إلى قوله: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ «٢» .

ولولا حكمة النبي لكان من وراء هذه الفتنة شر كثير.


(١) بضم الباء، وفتح العين: هو اخر يوم جرت فيه حرب بين الأوس والخزرج، وكان الغلب للأوس، ثم جاءهم الله بالإسلام، فألف بين قلوبهم.
(٢) سورة ال عمران: الايات ١٠٠- ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>