للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شأنه فليتهم عقله، وليلتزم ما أمر به الله ونبيه، ولينته عما نهيا عنه، وكن على ذكر لكلمة الصحابي الجليل سهل بن حنيف الانفة «١» .

ثم بيّن سبحانه أن رؤيا رسول الله صادقة ولابد أن تتحقق فقال: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ، لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ: تعليم للخلق أن يلتزموها في كل شيء وإن كان المتكلم بالقران سبحانه عالما بكل شيء، وصدق الله: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً. إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ.

آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ: ذلك أن رسول الله كان قد رأى في المنام قبل الخروج إلى الحديبية أنه دخل مكة وطاف بالبيت، فأخبر أصحابه بذلك، فلما ساروا إلى الحديبية لم يشكّوا أنّ هذه الرؤيا سيكون تأويلها هذا العام، فلما حدث ما حدث من قضية الصلح ورجوعهم وقع في نفس بعض الصحابة من ذلك شيء، حتى سأل عمر رسول الله عن ذلك فأخبره أنه لم يقل هذا العام، وأنه سيأتيه ويطوّف به، وهذا ما كان فقد وقع تأويل الرؤيا في العام القادم. فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا: وهو أن الصلاح والخير كان في الصلح وتأخير الدخول للحكم التي ذكرها الله انفا. فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً:

وهو صلح الحديبية، وقيل: فتح خيبر.

ثم بيّن سبحانه أن الله ناصر نبيه وناصر دينه، وسيعلو على الأديان كلها فقال: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً: أنك المبعوث رحمة للعالمين، ثم ختم سبحانه السورة ببيان صفة النبي وصحابته، وأنهم لجلالتهم ضرب الله لهم الأمثال في التوراة والإنجيل، وأشاد بذكرهم في القران فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ: لا تأخذهم في المشركين شفقة ولكنهم متوادون متراحمون بينهم، فهو كقوله سبحانه: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ. تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً كناية عن كثرة صلاتهم ومواظبتهم عليها. يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ


(١) انظر صفحة ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>