للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أحد عشر يوما فبسبب هذا النقصان تدور السنة الهلالية فيقع الصوم والحج تارة في الشتاء، وتارة في الصيف، وتارة في الربيع، وتارة في الخريف. وهذا من رحمة الله بعباده في التشريع، حتى تنزاح المشقة، ويذهب السأم والملل بأداء العبادات في وقت لا يتغير، وليتدرب المتعبد على أداء العبادات في جميع فصول العام، وكذلك شاء الله أن يكون اعتبار الشهور بسير القمر، وظهوره، لأن ذلك لا يحتاج إلى حساب ولا كتاب، بل هو أمر مشاهد بالبصر، فيستوي في معرفته الجاهل والمتعلم، والبدوي والحضري.

وقد جعل الله من هذه الشهور أربعة حرما، وإنما سميت حرما لتحريم الله القتال فيها، وتعظيم العرب لها، حتى لو أن الواحد منهم يلقى قاتل أبيه، أو أخيه في هذه الأشهر فلا يعرض له بسوء، فلما جاء الإسلام لم يزدها إلا حرمة وتعظيما. وهذه الأشهر هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الفرد، ويقال له: رجب مضر «١» . ومنهم من يقول: المحرم، ورجب، وذو القعدة، وذو الحجة. والأول هو الأولى وهو الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة التي رواها الشيخان.

وقد كان تعظيم الأشهر الحرم من بقايا شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام- وقد جاءت الأشهر الحرم على هذا الوضع لأجل تأمين حجاج البيت وزوّاره، فحرّم الله قبل شهر الحج شهرا ليسيروا إلى هذه البقاع، وهو شهر ذي القعدة «٢» ، وحرّم ذا الحجة لأنهم يوقعون فيه مناسك الحج، وحرّم بعده شهرا وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم. وحرّم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت، وأداء العمرة.


(١) وذلك لأن مضر كانت تعظمه أكثر من غيرها، وقيل لأن ربيعة بن نزار كانوا يعظمون رمضان ويسمونه رجبا، فأضيف رجب إلى مضر تمييزا له عن غيره.
(٢) وسمي ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>