والمرأة بحكم فطرتها وحيائها تركن إلى المرأة، وسؤالها في مثل هذا من غير تحرج أو استحياء، ولم يقتصر استفتاؤهن وسؤالهن عما يشكل وبخاصة فيما يتعلق بحياة النبي الزوجية على النساء، بل كان كبار الصحابة يرجعون إليهن في ذلك ولا سيما السيدة عائشة رضي الله عنها. روي عن مسروق أنه قال:(رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض) .
وروى أبو بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه قال:(ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أمر قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علما) . وروى هشام بن عروة عن أبيه قال:(ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة) . وكذلك كانت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في العلم والفقه وإن تفاوتن في ذلك، ولم يبلغن مبلغ السيدة العاقلة العالمة المبرأة من فوق سبع سموات الصدّيقة بنت الصدّيق رضي الله عنها، ومنهن من عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ما يقرب من نصف قرن تنشر الهداية والعلم كالسيدة عائشة رضي الله عنها.
فقد توفيت سنة ثمان وخمسين للهجرة، والسيدة أم سلمة رضي الله عنها فقد توفيت سنة اثنتين وستين للهجرة، وهكذا نرى أن تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم كان ضرورة دينية لا محيص عنها.
٢- إقامة الحجة على أنه صلى الله عليه وسلم نبي حقا، فقد توفي عن تسع نسوة، ومع ذلك فلم يشغله هذا التعدد عن القيام بتبليغ شريعة ربه ونشر دينه في حياته، حتى عم الجزيرة العربية كلها وما جاورها من أطراف الممالك الاخرى. وإن الإنسان المنصف ليعجب حقا من هذا؛ إن الواحد منا مهما بلغ من العقل وحسن الكياسة تكون عنده الزوجة فضلا عن الثنتين والثلاث والأربع ومع ذلك يكون في هم من شأنها وإرضائها، ويكون في حيرة من التوفيق بين القيام بحقوقها وحقوق بنيها والقيام بأمور معاشه ومعاده وما وكل إليه من المهام، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين تسع في حياته وهن مختلفات السن والطبائع والأمزجة، ومع هذا فقد قام بأعباء الرسالة خير قيام، وإنها لبطولة حقا تستحق الإعجاب لا الغمز واللمز والاعتراض!!