للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزلت بهم ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ*: توكيدا للأولى إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا إلى قوله: وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ: أي وتاب عن الثلاثة، وقد ذكرنا قصتهم سابقا مستوفاة، ومعنى خلّفوا أي أرجىء قبول توبتهم عن توبة أبي لبابة وأصحابه، وقيل تخلّفوا عن غزوة تبوك، ومعنى ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا أي ليستقيموا على التوبة ويستمروا عليها.

قال تعالى: ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ: هذا عتاب من الله للمتخلّفين عن رسول الله في غزوة تبوك من أهل المدينة ومن حولها من أحياء العرب، ومعنى ما كانَ*: ما صح وما ينبغي، وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ: أي ولا أن يرغبوا بأنفسهم عن أن يصيبهم من الشدائد ما نزل به، فيختاروا الراحة والدّعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مشقة السفر ومعاناة التعب، فإنهم حرموا أنفسهم من الأجر ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ: في سفرهم ظَمَأٌ: عطش وَلا نَصَبٌ: تعب وَلا مَخْمَصَةٌ: مجاعة فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً: إما مصدر أو اسم مكان يَغِيظُ الْكُفَّارَ: وطؤهم إياه، ونزولهم به وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا قتلا أو أسرا، أو غنيمة أو هزيمة إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ، إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ: أي كتب لهم بهذه الأعمال التي ليست داخلة تحت قدرهم، وإنما هي ناشئة عن أفعالهم- أعمالا صالحة وثوابا جزيلا، فهو سبحانه لا يضيع عنده شيء مهما قلّ وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً: قليلة أو كثيرة وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً: في السير إلى الأعداء إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ* ثواب ما قدموه من نفقة أو قطع واد لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ: أي أحسن جزاء أعمالهم.

وأما ما يتعلق بمسجد الضرار من الايات فقد ذكرناه فيما سبق، وأما ما يتعلّق بالمسجد الذي أسس على التقوى فقد ذكرناه في أول هذا الكتاب أثناء الكلام عن مسجد قباء، والحمد لله الذي هدانا لهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>