للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منبّه: «أول من بناه شيث بن ادم» ووهب من أهل الكتاب الذين أسلموا.

وروى البيهقي في «الدلائل» من طرق أخرى عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا «بعث الله جبريل إلى ادم، فأمره ببناء البيت، فبناه ادم، ثم أمره بالطواف به، وقال له: أنت أول الناس، وهذا أول بيت وضع للناس» «١» .

وقد قال الحافظ، المفسر، المؤرخ ابن كثير في هذا الحديث الأخير: «إنه من مفردات ابن لهيعة وهو ضعيف، والأشبه- والله أعلم- أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو بن العاص، ويكون من الزاملتين «٢» اللتين أصابهما يوم اليرموك من كتب أهل الكتاب» وهذا ما أرجّحه وأميل إليه، ومهما قيل في ثبوت هذه الروايات، وما ماثلها فهي لا تقوى على معارضة ما دل عليه القران المتواتر، والسنة الصحيحة ويعجبني في هذا ما قاله الحافظ ابن كثير في بدايته، قال:

«ولم يجىء في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام، ومن تمسّك بهذا بقوله: «مكان البيت» «٣» فليس بناهض، ولا ظاهر لأن المراد مكانه المقدّر في علم الله المقرر في قدرته، المعظّم عند الأنبياء موضعه من لدن ادم إلى زمان إبراهيم» «٤» .

ولا ينافي ما رجحناه وذهبنا إليه ما روي «أنه ما من نبي إلا وقد حج البيت» وما رواه أبو يعلى في مسنده بسنده عن ابن عباس قال: حج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما أتى وادي «عسفان» قال: «يا أبا بكر أي واد هذا؟» قال:

هذا وادي عسفان، قال: «لقد مرّ بهذا نوح وهود وإبراهيم على بكرات «٥» لهم


(١) فتح الباري، ج ٦ ص ٣١٠؛ تفسير ابن كثير والبغوي، ج ١ ص ٣١٦، ط المنار.
(٢) الزاملة: البعير الذي يحمل عليه المتاع، أي حمل بعيرين من الكتاب، وهذا من الأسباب التي جعلت بعض الرواة لا يروي عنه تحوّطا، فمن ثمّ جاءت مروياته أقل من مرويات أبي هريرة، مع أنه كان أكثر من أبي هريرة حديثا لأنه كان قارئا كاتبا.
(٣) كما في الاية ٢٦ من سورة الحج.
(٤) البداية والنهاية، ج ١ ص ١٦٣؛ وج ٢ ص ٢٩٩.
(٥) بكرات: جمع بكرة: الناقة الفتية القوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>