للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا، فقالت: صه «١» ، ثم تسمّعت، فسمعت أيضا، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث «٢» ، فإذا هي بالملك يعني جبريل- عند موضع زمزم، فبحث بعقبه- أو قال بجناحه- حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه «٣» ، وتقول بيدها هكذا «٤» ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها، وهو يفور بعد ما تغرف، قال ابن عباس: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت- أو قال- لو لم تغرف من زمزم لكانت زمزم عينا معينا» «٥» .

قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: «لا تخافوا الضّيعة، فإن هذا بيت الله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه، وشماله.

فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم- أو- أهل بيت «٦» من جرهم مقبلين من طريق كداء «٧» ، فنزلوا في أسفل مكة، فوجدوا طائرا عائفا «٨» ، فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء!! فأرسلوا جريّا أو جريين «٩» ، فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا، قال: وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟

قالت: نعم، ولكن لا حقّ لكم في الماء «١٠» قالوا: نعم، قال ابن عباس: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فألفى ذلك أم إسماعيل، وهي تحب الأنس» فنزلوا معهم.


(١) أي اسكتي، تخاطب نفسها.
(٢) أي إغاثة فأغثني.
(٣) تجعله كالحوض بيدها.
(٤) أي تفعل بيديها هكذا: أي تمثل فعلها بيديها.
(٥) ظاهرا جاريا على وجه الأرض.
(٦) جماعة و «أو» للشك من الراوي في أي اللفظين قاله.
(٧) بفتح الكاف والمدة أعلى مكة.
(٨) يحوم حول الماء ويدور.
(٩) الجري: الرسول و «أو» للشك.
(١٠) يعني في امتلاكه، أما الشرب والانتفاع به فمباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>