للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا لم يوافقاه «١» . قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، ومريه يثبّت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك، فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنّا بخير، قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبّت عتبة بابك، قال: ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك.

ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك، وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة «٢» قريبا من زمزم، فلما راه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد، والولد بالوالد «٣» ، قال: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتا، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يا بني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر «٤» فوضعه له، فقام عليه وهو يا بني، وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يقولان: «ربّنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم» قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان: «ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم» . انتهى الحديث «٥» .

فلما بلغ موضع الحجر الأسود وضعه في موضعه الذي هو فيه، وكان ارتفاع الكعبة تسعة أذرع، وعرضها في الأرض «٦» ثلاثين ذراعا بذراعهم، وكان الحجر داخلا في البيت لمّا بناه الخليل، ولم يجعل للكعبة سقفا، وجعل لها بابين بابا شرقيا، وبابا غربيا، وكانا ملصقين بالأرض، وحفر لها بئرا عند بابها خزانة للبيت يلقى فيه ما يهدى له.


(١) لا يعتمد عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه إلا في مكة، فإنما يوافقانه ببركة دعاء الخليل.
(٢) شجرة عظيمة.
(٣) من المعانقة، والمصافحة، والتقبيل.
(٤) هو الحجر الذي قام عليه الخليل وهو يا بني.
(٥) صحيح البخاري- كتاب الحج- باب فضل مكة وبنيانها، وكتاب أحاديث الأنبياء باب «واتخذ الله إبراهيم خليلا» .
(٦) يعني طول كل ضلع من أضلاعها لأنها مربعة تقريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>