ومن هؤلاء من يتلطف فيقول: إنه ما دام القران اية دالة على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم، فنحن في غنية عن غيره من الايات، ولا سيما والكثير منها لم يثبت إلا بالطرق الاحادية التي لا تفيد اليقين، ومنهم من يجاهر فينكر المعجزات الحسية جملة!!.
وأحب أن أقول لهؤلاء وأولئك: إن موقفهم من المعجزات الحسية وإنكارها، حدا ببعض المبشرين والمستشرقين إلى الطعن في النبي، وتفضيل غيره من الأنبياء عليه، بحجة أن النبي محمدا عليه الصلاة والسلام ليس له من المعجزات الحسية المتكاثرة ما لموسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام، وهكذا نراهم قد أعطوا لأعداء النبي- وإن لم يقصدوا- متكأ لهمزه ولمزه.
وأما أنا- اتباعا للمنهج العلمي الصحيح- فلن أجاريهم في هذا، فالشيء ما دام من الممكنات العقلية، ثم أخبر بوقوعه الرواة الموثوق بهم عدالة، وضبطا، وأمانة، فلا يجوز أن ننكره استنادا إلى استبعاده في العادة، وهل المعجزات إلا أمور خارقة للعادة.
وقد يكون من العوامل التي جعلتني أقف هذا الموقف بعد البحث والروية أني من المتخصصين في الحديث الشريف وعلومه، الذين سبحوا في بحاره، وغاصوا في أعماقه، حتى وصلوا إلى شيء من لالئه ودرره، واقتنعوا بعد الدراسة الطويلة المضنية بدقة ووفاء القواعد التي وضعها أئمة الحديث، وصيارفته وأطباؤه، لمعرفة الصحيح، من الحسن، من الضعيف، والمقبول من المردود «١» ، وليس من البحث العلمي السليم إنكار المرويات جملة، وإنما الطريقة العلمية الصحيحة نقدها من ناحية السند والمتن، فإن لم نجد فيها مطعنا قبلناها، وإلا تركناها، فإذا لم نتبع هذه الطريقة صار الإنكار هوى وشهوة.
وإليك ما ذكره الإمام الحافظ الكبير ابن حجر في هذا، قال: «وأما ما عدا القران من نبع الماء من بين أصابعه وتكثير الطعام، وانشقاق القمر، ونطق