للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فروي، وروي أخوه، ثم أخذته بما هو إلى أن جئت به رحلي، فأقبل عليه ثدياي بما شاء الله من لبن، فشرب حتى روي، وشرب أخوه حتى روي، فقام صاحبي «١» إلى شارفنا تلك، فإذا بها لحافل «٢» ، فحلب لنا، فشرب، وشربت حتى روينا، وبتنا بخير ليلة.

فقال صاحبي: تعلّمي «٣» يا حليمة، والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة، قلت: والله إني لأرجو ذلك، قالت: ثم خرجنا فركبت أنا أتاني «٤» ، وحملته عليها معي، فو الله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيء من حمرهم، حتى إن صواحبي ليقلن لي: يا ابنة أبي ذؤيب، ويحك ارفقي علينا «٥» ، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟! فأقول لهن: بلى- والله- إنها لهي هي!! فيقلن: والله إن لها لشأنا!!

قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها، فكانت غنمي تروح عليّ حين قدمنا به معنا شباعا لبّنا «٦» فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن، ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم «٧» : ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن، وتروح غنمي شباعا لبّنا، فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه، وفصلته، وكان يشب شبابا لا يشبّه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا «٨» .

قالت: فقدمنا به على أمه، ونحن أحرص شيء على مكثه هاهنا، لما كنا


(١) تعني زوجها.
(٢) ممتلئة الضرع من اللبن.
(٣) أي اعلمي.
(٤) حمارتي.
(٥) انتظري وتمهلي.
(٦) جمع لبون.
(٧) جمع راع.
(٨) قويا شديدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>