للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً «١» مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣) «٢» ؟!.

ثم أي نصارى الذين أخذ عنهم النبي؟ النصارى المحرّفون؟! أم النصارى المخرّفون؟! وإليك صورة للنصرانية في هذا العهد بشهادة النصارى أنفسهم، يقول مولانا محمد علي: «ولكن كيف كانت حالة النصرانية في ذلك العهد؟ فلنرجع إلى شهادات الكتّاب النصارى أنفسهم في هذا الموضوع، فقد رسم أحد الأساقفة صورة لتلك الأيام فقال: إن المملكة الإلهية كانت في اضطراب كلي، بل إن حالة جهنمية حقيقية كانت قد أقيمت على سطح الأرض نتيجة للفساد الداخلي، وقد عالج السير (وليم موير) هذا الموضوع فانتهى إلى النتيجة نفسها قال: «وفوق هذا فقد كانت نصرانية القرن السابع نفسها متداعية فاسدة، كانت معطلة بعدد من الهرطقات المتنازعة، وكانت قد استبدلت بإيمان العصور الأولى السمح صغارات الخرافة وصبياناتها» .

تلك صورة للنصرانية تمثل وضعها العام انذاك، كانت واحدة الذات الإلهية قد احتجبت منذ عهد بعيد، وكانت عقيدة التثليث قد أدت إلى نشوء تعقيدات متعددة، وتنافست الفرق والهرطقات المختلفة في قدح زناد الفكر لتفسير هذه العقيدة، وأدى ذلك إلى إنشاء جمهرة من المؤلفات أبعدت الإنسان عن هدف الدين الحقيقي» «٣» .

يتبين لك أيها القارىء المنصف أن ما ذكروه لا بد وأن يكون ظنونا وتخمينات، وليس من البحث العلمي الصحيح في شيء.


(١) أي حياة لأنه تحيى به القلوب، وتصلح به النفوس.
(٢) الايتان ٥٢، ٥٣ من سورة الشورى.
(٣) حياة محمد ورسالته، ص ١٠، ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>