للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محرفة، كما أقر بذلك الأحرار المفكرون من علماء النصرانية، إلا أنها قد بقي فيها ما يدل على البشارة بالنبي صلّى الله عليه وسلّم.

فمن ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا، قال يسوع: «إن كنتم تحبوني فاحافظوا وصاياي، وأنا أطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق، الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه، ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم فيكون فيكم» «١» ويقول: «وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم» «٢» ويقول: «ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الاب، روح الحق الذي من عند الله الاب ينبثق فهو يشهد لي» «٣» .

ويقول: «لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله لكم» «٤» ويقول: «إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم، ولكنكم لا تستطيعون أن تحتملوا الان، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق» «٥» وهي بشارات تكاد تكون نصا في الإخبار بنبوة خاتم الأنبياء، ومع وضوح هذه البشارات فقد أرهق اللاهوتيون النصارى أنفسهم- وما يزالون- ابتغاء العدول بها عن قصدها بحيث تنطبق على الروح القدس، وفي الحق أن صيغة النبوءة لا تجيز قط هذا الاستنتاج لقوله:

«إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي» كلام من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تعليق «٦» .

وقد كان في الأصل الأول للإنجيل التعبير في البشارات عن اسم النبي بكلمة «البارقليط» ولكنه لما ترجم إلى العربية فسرها بعضهم (بالمخلص) ،


(١) يوحنا الإصحاح ١٤ الفقرة ١٥- ١٧.
(٢) يوحنا ١٤: ٢٦.
(٣) يوحنا ١٥: ٢٦.
(٤) يوحنا ١٦: ٧.
(٥) يوحنا ١٦: ١٢، ١٣.
(٦) حياة محمد ورسالته من ص ٤٦- ٥١؛ أدلة اليقين في الرد على مطاعن المبشرين من ص ٢٦٠- ٣١٤؛ تفسير الالوسي ج ٢٨ ص ٨٧ ط منيرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>