للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيد من وراءه من قومه، إن يتبعك لا يتخلّف منهم اثنان، فقال له مصعب:

أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره، فقال سعد: أنصفت، ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام، وقرأ القران، وذكر موسى بن عقبة أنه قرأ عليه أول سورة الزخرف، قالا:

فعرفنا- والله- في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله.

ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم، ودخلتم في هذا الدين؟

قالا: تغتسل، فتطّهر وتطهّر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلّي ركعتين، فقام فاغتسل، وطهر ثوبيه، وشهد شهادة الحق، ثم ركع ركعتين، ثم أخذ حربته فأقبل عائدا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير، فلما راه قومه مقبلا قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا:

سيدنا وأفضلنا رأيا وأيماننا نقيبة، قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، قال: فو الله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة.

ورجع أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال مسلمون ونساء مسلمات، إلا ما كان من الأصيرم «١» وهو عمرو بن ثابت بن وقش «٢» ، فإنه تأخر إسلامه إلى يوم أحد فأسلم، واستشهد بأحد، ولم يصلّ لله سجدة قط، وأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه من أهل الجنة.

وقد روى ابن إسحاق- بإسناد حسن- عن أبي هريرة أنه كان يقول:

«حدّثوني عن رجل دخل الجنة لم يصلّ صلاة قط، فإذا لم يعرفه الناس قال


(١) بصاد مهملة تصغير أصرم، وبه كان يلقب أيضا، وقيل: أصرم، وقدمه البعض على المصغّر.
(٢) بفتح الواو وسكون القاف، وشين معجمة، ويقال: أقيش، وقد ينسب إلى جده فيقال: ابن أقيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>