للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكن هذه الأخوة أخوة إسلام وارتفاق فحسب، وإنما كانت أخوة بها يتوارثون، قال عز شأنه:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ «١» ...

وقد استمر الأمر على ذلك حتى عزّ الإسلام، واجتمع الشمل، وذهبت اثار الغربة من وحشة وحاجة، فنسخ الله حكم التوارث بهذه الأخوة بالحكم الثابت المستقر، وهو التوارث بالقرابة والرحم قال عز شأنه:

وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً «٢» .

وقال:

وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ «٣» .

وقد كان لهذه الأخوة اثارها البعيدة في الحب والارتفاق، والتعاون والتناصر، وقاموا بحقوقها خير قيام، وضرب الأنصار في هذا مثلا عليا لم تعرف لغير هؤلاء السادة الأبرار، واعترافا بالفضل لأهله أرى لزاما علي أن أقول كلمة في فضائل الأنصار بعد قليل.


(١) سورة الأنفال: الاية ٧٢.
(٢) سورة الأحزاب: الاية ٦.
(٣) سورة الأنفال: الاية ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>