٣- إن في تشريع الجهاد نشر للسلام والأمان في الأرض، وتأمين كل ذي دين على دينه، واحترام مقدسات الأديان في الأرض. والإسلام هو الدين الذي ألزم معتنقيه بالإيمان بجميع رسل الله، وجميع كتبه المنزلة من عنده، وإذا كان اعتبر القران هو الشاهد والمهيمن على الكتب السماوية كلها، فلأنه هو الكتاب الذي سلم من التحريف والتبديل، لأنه نقل بأقوى طرق النقل والإثبات، وهو التواتر المفيد للقطع واليقين.
فالمسلمون حينما تكون لهم السلطة والغلبة في الأرض فلا خشية على أهل الأديان الاخرى منهم، لأن لهم من وصايا دينهم ما يعصمهم من الظلم والجور والتعنت، ولا كذلك الحال لو ساد غيرهم، وهذا ما صدقه الواقع والتاريخ الصادق، فحينما كان السلطان للمسلمين في الأرض، لم يضارّ أحد من أهل الذمة في دينه، ولا في دنياه، ولا في نفس ولا عرض ولا مال، فلما ذهبت ريحهم، وغلبوا على أمرهم، ذاقوا من أعدائهم ألوان العذاب من تقتيل وتخريب وانتهاك للحرمات.
وليس أدل على ذلك من أن الإسلام قبل من أهل الكتاب إما أن يسلموا، وإما أن يبقوا على دينهم ويدفعوا الجزية، وهي ليست للإكراه على الدخول في الإسلام أو المضايقة، ولكنها نظير ما تقوم به الدولة الإسلامية من رعاية وحماية لأهل الأديان الاخرى، وما تؤديه لهم من خدمات اجتماعية واقتصادية، وقد أشار الله سبحانه إلى هذا الغرض النبيل في قوله سبحانه: