أو عار لا يجد ما يستر عورته؟ أو متشرد لا يجد مسكنا يؤويه؟ أو مريض لا يجد مستشفى يستشفى فيه، أو طالب علم لا يجد ما يعينه على طلب العلم؟.
ترى لو أن الناس أخرجوا زكاة أموالهم بأمانة وإخلاص، من غير تهرب أو تحايل، ووزعت في مصارفها، هل كنت تجد بين المسلمين من يدعو إلى الشيوعية أو يعتنقها مذهبا؟ وهل كنت تجد بينهم في كثير من أقطار المسلمين هذا الفقر والضنك، وهذه الفوارق الشاسعة بين الناس؟ فهناك قلة تتمتاع بمتاع الحياة وزخارفها، بما يصل إلى حد الإسراف، وتبعثر الأموال هنا وهناك في الحانات وبيوت اللهو والفجور، وحلبات الرقص، والسباق والقمار!! وهناك الكثرة الكاثرة لا تتمتاع بالطيبات الحلالات، بل ولا تجد الضروريات.
إن الزكاة حينما كانت تجمع من كل من تجب عليه، وتنفق في سبلها المشروعة في صدر الإسلام، كان المجتمع الإسلامي على خير ما يكون رخاء ورغدا، وتمتعا بالطيبات، وتالفا وتاخيا وتحاببا. فقد روى الرواة أنه في عهد خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أخصب الناس، واغتنوا حتى إنهم بحثوا عن مستحق للصدقة فلم يجدوا، فما كان منهم إلا أن اشتروا بها عبيدا وأعتقوهم لوجه الله. وهكذا بلغ الإسلام في عصوره الأولى، بمستوى حياة المسلمين ومعيشتهم حدا لم تبلغه إلا أمم قليلة اليوم، وذلك بفضل تشريع الزكاة.