ثم هم مع كل جرائمهم هذه فعلوا ما هو أشنع وأظلم، فقد ابتغوا الفتنة، فتنة المسلمين عن دينهم وعقيدتهم، وسلكوا كل وسيلة ممكنة للفتنة من وعد ووعيد وإغراء وتعذيب، وتجردوا في هذا من معاني الإنسانية والرحمة، ولا يزالون- وقد فعلوا كل هذه الجرائم- يحاولون جاهدين فتنة المسلمين وقتالهم والتضييق عليهم، فإذا كان المشركون يرتكبون هذه الكبائر كلها فلا جناح على من وقعت عليهم هذه الكبائر والاثام إن قاتلوهم في الشهر الحرام، وأسروا منهم، واستاقوا عيرهم، وإنما الحرج والإثم أن يقاتل في الشهر الحرام من يجترح هذه الأوزار والاثام.
وفي الاية الثانية عدة بالجميل لمن هاجر وجاهد في سبيل الله على سبيل الرجاء، وهو أسلوب من أساليب القران قصد به إزالة الأطماع، وعدم الاتكال والاعتماد على ما قدّموا من أعمال مجيدة فيما مضى، وحثّ لهم على إدامة الجهاد والكفاح فيما يأتي وما يستقبلون من حياتهم، وفي ضمن هذا عدة لأصحاب هذه السرية بالأجر والمغفرة.