للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعشم «١» المدلجي- وكان من أشراف بني كنانة- فقال: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه، فزالت مخاوفهم وأجمعوا على المسير.

فخرجوا بجمعهم بطرين أشرين، وقد أشار الحق تبارك وتعالى إلى هذا بقوله:

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ. وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ «٢» .

وكان مثله ومثلهم:

كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ. فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ «٣» .

وكان تعداد جيش المشركين تسعمائة وخمسين رجلا، معهم مائة فرس وسبعمائة بعير يعتقبونها، وأمامهم القينات يغنين بهجاء المسلمين، وساروا يحدوهم البطر، ويملؤهم الزهو والغرور حتى كانت عاقبة أمرهم هلاكا وخسرا.


(١) وقيل إن إبليس جاء في صورة سراقة وقال: إني جار لكم وسار معهم، حتى لما كانت الموقعة ونزلت الملائكة نكص على عقبيه.
(٢) سورة الأنفال: الايتان ٤٧، ٤٨.
(٣) سورة الحشر: الايتان ١٦، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>