للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ الاية «١» .

وذهب كثير من العلماء من المحدّثين وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمّسها، فأخذ الخمس لنفسه ولذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وقسم أربعة الأخماس الباقية بين المجاهدين. ويرى هؤلاء أن سياق الايات قبل اية الخمس وبعدها في غزوة بدر وقصتها، وهو يقتضي أنها نزلت كلها جملة واحدة في وقت واحد غير متأخر بعضها عن بعض حتى يقال بالنسخ، قال ابن كثير في بدايته: (وهو قول البخاري وابن جرير وغيرهما وهو الصحيح الراجح) .

وقال هؤلاء: إن ما ورد في رواية ابن إسحاق من أن الغنائم قسمت بالبواء، أي ساوى فيها النبي بين الذين جمعوها وبين الذين ثبتوا تحت الرايات مع الرسول لم يخصّ بها فريقا دون الاخر، ولا ينفي هذا تخميسها وصرف الخمس في مواضعه، ويشهد لهم أيضا ما رواه البخاري في صحيحه من قصة الشارفين «٢» اللذين كانا لعلي رضي الله تعالى عنه، فجبّ حمزة رضي الله عنه أسنمتهما، وبقر بطنهما، وهو ثمل وذلك قبل أن تحرم الخمر، ففيها أن أحدهما كان من نصيبه في غنائم بدر، والاخر كان من الخمس الذي أفاء الله به على رسوله من بدر «٣» ، ومهما يكن من شيء فقد حسم الله الخلاف، وبذلك زال الانقسام، وحل الوئام وعاد الصفاء.

وقد أسهم النبي لبعض من لم يحضر الموقعة لعذر، وهم: أبو لبابة الأنصاري لأنه كان مخلّفا على أهل المدينة، وعاصم بن عدي لأنه خلّفه الرسول على أهل قباء والعالية، والحارث بن حاطب لأن الرسول خلّفه على بني عمرو ابن عوف، والحارث بن الصمة وخوّات بن جبير لأنهما كسرا بالروحاء فلم يتمكنا من السير، وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد لأنهما


(١) سورة الأنفال: الاية ٤١.
(٢) الشارف: الناقة المسنة.
(٣) البداية والنهاية، ج ٣ ص ٣٠٢؛ وتفسير ابن كثير والبغوي، ج ٣ ص ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>