للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «١» .

وإنه لدرس عظيم يجب أن يعيه المسلمون في كل قطر، فما أجدرهم أن يأخذوا أنفسهم بتقوى الله والاستقامة على شريعته، وأن يصلوا حبالهم بحبال السماء، وإلا كانوا هم والأعداء في المعاصي سواء، وإن لا يكن لنا عليهم فضل بالدين والاستقامة والطاعة فضلونا بالعدد والعدّة، وإذا تخلّى الله سبحانه وتعالى عنا، ووكلنا إلى أنفسنا واغترارنا عزّ علينا استنزال النصر من الله، وصارت الغلبة لمن هم أكثر عددا وعدّة.

٣- احترام النبي صلى الله عليه وسلم لمبدأ الشورى في الحرب ولو كانت من فرد واحد، وهو تقرير لهذا المبدأ التي يعتبر من مبادىء الإسلام، وذلك مثل ما حدث من أخذه برأي الحباب بن المنذر في تخيّر مكان نزول الجيش، ورأي سعد بن معاذ في بناء العريش؛ واستشارة أصحابه في القتال، لما علم بخروج قريش في جموعها، وفي الأسارى أيقتلون أم يفادون؟.

وليس هذا بعجب ممّن نزل عليه قول الله سبحانه:

فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ «٢» .

٤- إنسانية الرسول الفائقة: إنسانية مبعثها الرحمة التي امتلأ بها قلبه الكبير، والعظمة النفسية التي تسمو عن أن تؤاخذ كل مذنب بذنبه، وإنما تعفو وتسمح، وتتسامى وتصفح، وإنا لنلمس هذا في الأمر بدفن القتلى، وفي أمر أصحابه بالإحسان إلى الأسرى، وفي إبائه على سيدنا عمر أن ينزع ثنيتي سهيل بن عمرو


(١) سورة الأنفال: الاية ١٠.
(٢) سورة ال عمران: الاية ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>