للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي أكل مما ذبح على النصب، أما زيد فقد أبى أن يأكل منها، وهو زعم باطل «١» .

ثم ذكر البخاري في قصة طويلة أن زيدا خرج إلى الشام يطلب الدين الحق، فلقي عالما من علماء اليهود، فلم يعجبه ما قال، ثم خرج فلقي عالما من النصارى فلم يقع في نفسه ما عرض عليه، ولكنه وجدهما يذكران دين إبراهيم وأنه هو الدين الحنيف، فلما سمع قولهما في إبراهيم خرج، فلما برز رفع يديه وقال: «اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم» .

وروى البخاري تعليقا «٢» عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش، والله ما منكم على دين إبراهيم غيري، وكان يحيي الموؤودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيك مؤنتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت قال لأبيها:

إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤنتها» «٣» .

وروى ابن إسحاق أنه كان يقول: «اللهم لو أني أعلم أحب الوجوه إليك لعبدتك به، ولكني لا أعلمه» ثم يسجد على راحته، وروى ابن سعد، والفاكهي عن عامر بن ربيعة أن زيدا قال له: «إني خالفت قومي واتّبعت ملة إبراهيم، وإسماعيل، وما كانا يعبدان، وكانا يصليان إلى هذه القبلة، وأنا أنتظر نبيا من بني إسماعيل يبعث، ولا أراني أدركه، وأنا أومن به وأصدقه، وأشهد أنه نبي، وإن طالت بك حياة فأقرئه مني السلام» ، قال عامر: فلما أسلمت أعلمت النبي صلّى الله عليه وسلّم بخبره، فردّ عليه السلام، وترحم عليه، وقال: «لقد رأيته في الجنة يسحب ذيولا» ، وروى أن سعيد بن زيد، وعمر بن الخطاب سألا رسول الله عن زيد فقال: «غفر الله له ورحمه، فإنه مات على دين إبراهيم» ولما بعث


(١) انظر: «محمد رسول الحرية» لعبد الرحمن الشرقاوي.
(٢) المعلق: هو ما حذف من مبتدأ إسناده راو أو أكثر، وقد يحذف السند كله.
(٣) صحيح البخاري- باب زيد بن عمرو بن نفيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>