أن يقاوموا سلطان الإسلام وقوته، فلجأوا إلى الكذب والدس؛ وجاز هذا الزور على بعض الأغرار من المسلمين، فرووه وذكروه في كتبهم، ولكنه ما كان يخفى على العلماء الراسخين، فنبهوا على كذبه، وحذّروا من التصديق به، وهكذا نرى أنهم أقاموا من مزاعمهم قصرا على أساس من خيوط العنكبوت وما أوهنها من أساس.
وثمة حجة دامغة تذهب بالقصة من أساسها، فالسيدة زينب هي بنت عمة رسول الله، وقد ربيت على عينه، وشهدها وهي تحبو، ثم وهي شابة، وله بحكم صلة القرابة معرفة بها وبمفاتنها، ولا سيما أن النساء كن يبدين من محاسنهن ما حرمه الإسلام فيما بعد، وهو الذي خطبها لموالاه زيد فتمنعت حتى نزل الوحي ألاخيرة لأحد بعد قضاء الله ورسوله، فغير معقول والحال كما ذكرت ألايكون شاهدها، فلو كان يهواها، أو وقعت من قلبه فأي شيء كان يمنعه من زواجها من أول الأمر، وإشارة منه كانت كافية لأن يقدمها له أهلها وما ملكت، فمثله وهو في الذروة من قريش نسبا ودينا وخلقا وخلقة وصحة ممن تتطاول إليه الأعناق وتهفو القلوب، فلو كان كما يزعم المتخرصون تمتد عينه إلى كل من يهوى ويستحسن لتزوجها وهي بكر عذراء، لا أن يسكت حتى يجني جناها ويقطف زهرتها رجل مولى له، ثم بعد ذلك يرعى حيث رعى، فلولا أنه يتزوج لتشريع أو لحكمة سامية لما رضي بذلك.
وأيضا فحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن حياة حب واستهتار، ولا عرف عنه أنه كان صريع الغواني، وإنما كانت حياة الشرف والكرامة والعفة والترفع عن الدنايا قبل نبوته وبعدها، ما عرفت الدنيا أطهر ذيلا منه، ولا أعف منه، ولا لمست يده قط يد امرأة لا تحل له، ولما بايع النساء على الإيمان والطاعة، ونبذ المعاصي والفجور، بايعهن بدون مصافحة، مع أن المصافحة كانت من ملازمات البيعة والمعاهدة في الجاهلية والإسلام، وكيف يكون على ذلك الخلق الذي لا نرضاه لرجل من سوقة الناس فضلا عن أنبياء الله ورسله- من خاطبه مولاه بقوله: