ولا تعب، وهو ما أخذ صلحا و (ما) في (فما أوجفتم) نافية. أما الغنيمة: فهي ما أخذت بحرب وقتال. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: ومنه تمكينهم من مال بني النضير.
ذكر الله مصارف الفيء وبين أنه لرسول الله يضعه حيث شاء في ذوي القربى والمساكين، وليس للمجاهدين فيه نصيب، فقال: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ: أي مما جعل الله مصرفه لهؤلاء، حتى لا يكون المال متداولا بين الأغنياء دون الفقراء، فالاية تبين أن البر ومواساة الفقراء تلحقهم بالأغنياء وتزيل من فقرهم وحاجتهم. وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا: أصل عام في طاعة رسول الله في كل ما يأمر به من قران أو سنة والانتهاء عما ينهى عنه.
وَاتَّقُوا اللَّهَ: أن تخالفوا أوامر رسوله ونواهيه لأنها من أمر الله ونهيه. إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ: لكل من خالف رسوله.
ثم بين سبحانه من هم أحق بهذا الفيء فقال: لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً: الجنة ونعيمها، ورضوان من الله أكبر. وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ: بالتضحية بالنفس والجهاد في سبيل الله. أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ: المخلصون في إيمانهم، وقد خصهم الرسول بالفيء في هذه الغزوة إغناء لهم وتعويضا عما تركوه راضين من دور وعقار ومال.
ثم أثنى على الأنصار بما هم أحق به وأهل له فقال: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ: المدينة. وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ: أي أخلصوا الإيمان وصدقوا الله فيه.
من قبلهم: راجع لتبوّء الدار، فقد كانت موطنهم قبل هجرة المهاجرين إليها. يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا: أي مما أعطي المهاجرون من هذا الفيء وغيره. وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ: شدة فقر وحاجة. وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ:
الفائزون، ولعلك على ذكر مما ذكرناه في ماثر الأنصار رضوان الله عليهم.