فلما وصلوا إلى خيبر قال لهم عبد الله: مكانكم، وانطلق إلى الباب، وتحايل على البوّاب حتى دخل، ثم توجّه إلى بيت أبي رافع، وصار يفتح الأبواب التي توصل إليه، وكلما فتح بابا أغلقه من داخل حتى انتهى إليه، فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله فلم يمكنه تمييزه، فنادى يا أبا رافع، فقال: من؟ فأهوى بالسيف نحو الصوت فلم يغن شيئا، فعاد عبد الله يناديه وفي كل مرة يغيّر صوته، حتى استمكن منه وقتله دون أن يؤذي أحدا من ولده وزوجه.
ثم خرج من البيت وكان نظره ضعيفا فوقع من فوق السلم فانخلعت رجله، فعصبها بعمامته، وصار يتحامل على نفسه حتى وصل إلى أصحابه فأخبرهم، فقالوا: النجاة النجاة، حتى انتهوا إلى الرسول، فلما راهم قال:
«أفلحت الوجوه» وحدّثوه بما كان، ثم قال لعبد الله:«ابسط رجلك» فمسحها عليه الصلاة والسلام فكأنه لم يشتكها قط «١» ، وعادت أحسن مما كانت، فلله در هذه النفوس المؤمنة التي استهانت بالموت في سبيل الله، وكانت أسمى أمانيها أن تفوز برضاء الله ورسوله.
وكان قتل أبي رافع- كما قال ابن سعد- في رمضان سنة ست، وقيل في ذي الحجة سنة خمس وقيل غير ذلك.