وهو يبتسم، فسلّم عليه خالد بالنبوة، فرد السلام بوجه طلق، ثم شهد شهادة الحق، فقال النبي له:«تعال، الحمد لله الذي قد هداك، كنت أرى لك عقلا رجوت ألايسلمك إلا إلى خير» ، فقال خالد: يا رسول الله إني قد شهدت تلك المواطن عليك معاندا للحق، فادع الله أن يغفرها لي، فقال الرسول الكريم:«الإسلام يجبّ ما كان قبله» .
وتقدم عثمان بن طلحة فبايع، وتقدم عمرو بن العاص فبايع. قال عمرو: فو الله ما هو إلا أن جلست بين يديه فاستحييت أن أرفع طرفي حياء منه، فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، فقال:«إن الإسلام يجبّ ما كان قبله، والهجرة تجب ما كان قبلها» ، فو الله ما عدل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخالد بن الوليد أحدا من أصحابه في أمر حزبه منذ أسلمنا، ولقد كان عند أبي بكر بتلك المنزلة، ولقد كنت عند عمر بهذه المنزلة، وكان عمر على خالد كالعاتب، وكان قدومهم وإسلامهم في أول صفر سنة ثمان من الهجرة «١» .
وبإسلام خالد وعمرو اكتسب الإسلام اثنين من أبطال الإسلام وقواده، الذين كانت لهم يد طولى في غزوات الإسلام وفتوحاته.
(١) ذكر الشيخ الخضري- رحمه الله- في نور اليقين إسلام خالد وصاحبيه في سنة سبع، والتحقيق ما ذكرته (البداية والنهاية، ج ٤ ص ٢٣٦) .