للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وفاة السيدة زينب]

وفي هذا العام توفيت السيدة زينب بنت رسول الله وزوج أبي العاص بن الربيع، ولدت قبل المبعث بعشر سنين، وكانت أكبر بناته صلى الله عليه وسلم تليها رقية ثم أم كلثوم، ثم فاطمة رضي الله عنهن، كان رسول الله محبا لها، أسلمت قديما ثم هاجرت قبل إسلام زوجها بست سنين، وكانت قد أجهضت في هجرتها كما أسلفنا ثم نزفت، وصار المرض يعاودها حتى توفيت رضي الله عنها ولذا كان رسول الله يقول: «هي خير بناتي، أصيبت فيّ» ، ولما ماتت قال رسول الله:

«اغسلنها وترا: ثلاثا، أو خمسا، واجعلن في الاخرة كافورا» «١» .

وكانت ولدت من أبي العاص عليا، ثم مات وقد ناهز الاحتلام، وأمامة وهي التي كان يحملها رسول الله وهو يصلّي كما في الصحيحين، ولما كبرت تزوجها سيدنا علي بن أبي طالب بعد موت خالتها فاطمة، ثم تزوجت بعد علي المغيرة بن نوفل بن الحارث، فولدت له يحيى، وقيل إنها لم تلد لعلي ولا للمغيرة، ولذلك قال الزبير: ليس لزينب عقب.

[مولد إبراهيم ابن النبي]

وفي ذي الحجة من هذا العام ولد إبراهيم ابن النبي من السيدة مارية القبطية التي كان أهداها له المقوقس عظيم مصر، فتسراها، حتى ولدت له، فصارت أم ولد، وأنزلها منزلة الأزواج، وكان رسول الله قد رزىء بفقد أولاده الذكور صغارا كما رزىء بفقد رقية وهو ببدر، ثم بوفاة زينب سنة ثمان، لذلك لا تعجب إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرح بمولد إبراهيم فرحا شديدا، وخرج إلى أصحابه فبشرهم قائلا: «ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم» ، ولدته مارية بالعالية حيث كانت تقيم في الموضع الذي يقال له اليوم مشربة إبراهيم، وكانت قابلة مارية سلمى مولاة النبي امرأة أبي رافع، فبشّر به أبو رافع النبي فوهب له عبدا.


(١) الكافور: نبت طيب الرائحة، وهو فضلا عن كونه يطيب الميت يجفف جسمه ويجعله صلبا متماسكا، ويمنع إسراع الفساد إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>