اسْمُ اللهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ. رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ.
وَلَنَا مَا رَوَى الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ، مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. لَكِنَّ الْأَحْوَصَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ أَحْمَدَ لَا تُبَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَأْكُلُوا
مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ (٦: ١٢١) وَجَوَابُهُ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا تَرَكَ اسْمَ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ (٦: ١٢١) وَالْأَكْلُ مِمَّا نُسِيَتِ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِفِسْقٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ انْتَهَى.
أَقُولُ: مِنْ عَجَائِبِ انْتِصَارِ الْإِنْسَانِ لِمَا يَخْتَارُهُ جَعْلُ الْفِسْقِ هُنَا بِمَعْنَى تَرْكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا، وَالظَّاهِرُ فِيهِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِي الْبَابِ مِنْ كِتَابِ بُلُوغِ الْمَرَامِ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ، مَا نَصُّهُ: وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْمُسْلِمُ يَكْفِيهِ اسْمُهُ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ اللهَ حِينَ يَذْبَحُ فَلْيُسَمِّ ثُمَّ لْيَأْكُلْ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَفِيهِ رَاوٍ فِي حِفْظِهِ ضَعْفٌ، وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، وَهُوَ صَدُوقٌ ضَعِيفُ الْحِفْظِ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ بِلَفْظِ: ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ ذَكَرَ اللهَ عَلَيْهَا أَمْ لَمْ يَذْكُرْ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ. انْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، قَالَتْ: إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَ بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمُّوا اللهَ عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ. انْتَهَى.
وَقَدْ جَعَلَ عُلَمَاءُ الْأَزْهَرِ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ مِنْ كِتَابِ (إِرْشَادُ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ) الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَيَانِ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ فِي الذَّبِيحَةِ الَّتِي أَفْتَى بِهَا مُفْتِي مِصْرَ، قَالُوا: " ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حِلِّ الْمُنْخَنِقَةِ وَالْمَوْقُوذَةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ، أَنْ تُذَكَّى وَفِيهَا حَيَاةٌ وَإِنْ قَلَّتْ كَالْمَرِيضَةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالسَّيِّدَيْنِ: الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ، وَإِبْرَاهِيمَ وَطَاوُسٍ وَالضَّحَّاكِ وَابْنِ زَيْدٍ، وَالتَّسْمِيَةُ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ ; فَيَحِلُّ مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ عَلَى رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ تُشْتَرَطُ مِنْ مُسْلِمٍ لَا مِنْ كِتَابِيٍّ، وَعَنْهُ عَكْسُهَا، ثُمَّ أَيَّدُوا هَذِهِ الْخُلَاصَةَ بِنَقْلٍ مِنْ كِتَابِ (دَقَائِقِ أُولِي النُّهَى عَلَى مَتْنِ الْمُنْتَهَى) وَمِنْ غَيْرِهِ.
(صَفْوَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُخْتَارُ مِنْهُ فِي طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ) مَنْ تَأَمَّلَ مَا نَقَلْنَاهُ مِنْ كُتُبِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَمَا تَخَلَّلَهُ وَسَبَقَهُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ يَظْهَرُ لَهُ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا مِنْ طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ
مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا، فِي دِينِنَا لِذَاتِهِ، وَهُوَ الْمَيْتَةُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ، وَكَذَا الدَّمُ الْمَسْفُوحُ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ النَّقْلِ