للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَنْبِيَاءِ الثَّلَاثَةِ لَمْ تَكُنْ مُصَرِّحَةً فِي كُتُبِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى الِاشْتِبَاهُ لِلْخَوَاصِّ فَضْلًا عَنِ الْعَوَامِّ فَلِذَلِكَ سَأَلُوا أَوَّلًا: أَنْتَ الْمَسِيحُ؟ فَبَعْدَمَا أَنْكَرَ يَحْيَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ كَوْنِهِ مَسِيحًا، سَأَلُوهُ: أَنْتَ إِيلِيَا؟ فَبَعْدَمَا أَنْكَرَ عَنْ كَوْنِهِ إِيلِيَا أَيْضًا سَأَلُوهُ: أَنْتَ النَّبِيُّ؛ أَيِ: (الْمَعْهُودُ) وَلَوْ كَانَتِ الْعَلَامَاتُ مُصَرَّحَةً لَمَا كَانَ لِلشَّكِّ مَحَلٌّ، بَلْ ظَهَرَ مِنْهُ أَنَّ يَحْيَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَعْرِفْ نَفْسَهُ أَنَّهُ إِيلِيَا حَتَّى أَنْكَرَ فَقَالَ: لَسْتُ أَنَا، وَقَدْ شَهِدَ عِيسَى أَنَّهُ إِيلِيَا فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ إِنْجِيلِ مَتَّى قَوْلُ (؟) عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَقِّ يَحْيَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَكَذَا ١٤ (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَا الْمُزْمَعُ أَنْ يَأْتِيَ) وَفِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ إِنْجِيلِ مَتَّى هَكَذَا ١٠ (وَسَأَلَهُ تَلَامِيذُهُ قَائِلِينَ فَمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلًا) ١١ (فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ إِيلِيَا يَأْتِي أَوَّلًا وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ) ١٢ (وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا، كَذَلِكَ ابْنُ الْإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ) ١٣ (حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلَامِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمِدَانِ) وَظَهَرَ مِنَ الْعِبَارَةِ الْأَخِيرَةِ أَنَّ عُلَمَاءَ الْيَهُودِ لَمْ يُعَرِّفُوهُ بِأَنَّهُ إِيلِيَا، وَفَعَلُوا بِهِ مَا فَعَلُوا، وَأَنَّ الْحَوَارِيِّينَ أَيْضًا لَمْ يَعْرِفُوهُ بِأَنَّهُ إِيلِيَا، مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَنْبِيَاءَ فِي زَعْمِ الْمَسِيحِيِّينَ، وَأَعْظَمُ رُتْبَةٍ مِنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَكَانُوا اعْتَمَدُوا مِنْ يَحْيَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَرَأَوْهُ مِرَارًا، وَكَانَ مَجِيئُهُ ضَرُورِيًّا قَبْلَ إِلَهِهِمْ وَمَسِيحِهِمْ. وَفِي الْآيَةِ ٣٣ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ إِنْجِيلِ يُوحَنَّا قَوْلُ يَحْيَى هَكَذَا (وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لِأُعَمَّدَ بِالْمَاءِ ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلًا وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمَّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ) وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ) عَلَى زَعْمِ الْقِسِّيسِينَ أَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً جَيِّدَةً بِأَنَّهُ الْمَسِيحُ الْمَوْعُودُ بِهِ إِلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً مَا لَمْ يَنْزِلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ، لَعَلَّ كَوْنَ وِلَادَةِ الْمَسِيحِ مِنَ الْعَذْرَاءِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمَسِيحِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ

يَصِحُّ هَذَا لَكِنِّي أَقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ هَذَا وَأَقُولُ: إِنَّ يَحْيَى أَشْرَفُ الْأَنْبِيَاءِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ بِشَهَادَةِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ إِنْجِيلِ مَتَّى، وَإِنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَهُهُ وَرَبُّهُ عَلَى زَعْمِ الْمَسِيحِيِّينَ، وَكَانَ مَجِيئُهُ ضَرُورِيًّا قَبْلَ الْمَسِيحِ، وَكَانَ كَوْنُهُ إِيلِيَا يَقِينِيًّا، فَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ هَذَا النَّبِيُّ الْأَشْرَفُ نَفْسَهُ إِلَى آخِرِ الْعُمْرِ، وَلَمْ يَعْرِفْ إِلَهَهُ وَرَبَّهُ إِلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَكَذَا لَمْ يَعْرِفِ الْحَوَارِيُّونَ الَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ مِنْ مُوسَى وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ مُدَّةَ حَيَاةِ يَحْيَى أَنَّهُ إِيلِيَا، فَمَاذَا رَتَّبَهُ الْعُلَمَاءُ وَالْعَوَامُّ عِنْدَهُمْ فِي مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ اللَّاحِقِ بِخَبَرِ النَّبِيِّ الْمُتَقَدِّمِ عَنْهُ وَتَرَدُّدُهُمْ فِيهِ؟ وقيافا رَئِيسَ الْكَهَنَةِ كَانَ نَبِيًّا عَلَى شَهَادَةِ يُوحَنَّا، كَمَا هُوَ - مُصَرَّحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>