للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا أَنْ نُغْلَبَ وَنُجْهَدَ، فَأَغْلَقُوا الْأَبْوَابَ وَحَرَسُوهَا، وَكَذَلِكَ فَعَلَ أَهْلُ الْمُدُنِ الَّتِي صُولِحَتْ مِنَ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ، وَقَالُوا: إِنْ ظَهَرَ الرُّومُ وَأَتْبَاعُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ صِرْنَا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَإِنَّا عَلَى أَمْرِنَا مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ عَدَدٌ ".

وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَزْدِيُّ فِي كِتَابِهِ فُتُوحِ الشَّامِ يَذْكُرُ إِقْبَالَ الرُّومِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَمَسِيرَ أَبِي عُبَيْدَةَ مِنْ حِمْصَ: " فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَشْخَصَ دَعَا حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: ارْدُدْ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كُنَّا صَالَحْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ مَا كُنَّا أَخَذْنَا مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا إِذْ لَا نَمْنَعُهُمْ - أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمْ شَيْئًا، وَقُلْ لَهُمْ: نَحْنُ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مِنَ الصُّلْحِ، وَلَا نَرْجِعُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ تَرْجِعُوا عَنْهُ، وَإِنَّمَا رَدَدْنَا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ; لِأَنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَأْخُذَ أَمْوَالَكُمْ وَلَا نَمْنَعَ بِلَادَكُمْ " فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرْتَحِلُوا إِلَى دِمَشْقَ، وَدَعَا حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا أَخَذُوا مِنْهُمُ الْمَالَ، فَأَخَذَ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَخَذَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَقُولُونَ: " رَدَّكُمُ اللهُ إِلَيْنَا وَلَعَنَ اللهُ الَّذِينَ كَانُوا يَمْلِكُونَنَا مِنَ الرُّومِ، وَلَكِنْ وَاللهِ لَوْ كَانُوا هُمْ مَا رَدُّوا إِلَيْنَا بَلْ غَصَبُونَا وَأَخَذُوا مَعَ هَذَا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِنَا " وَقَالَ أَيْضًا يَذْكُرُ دُخُولَ أَبِي عُبَيْدَةَ دِمَشْقَ: " فَأَقَامَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِدِمَشْقَ يَوْمَيْنِ، وَأَمَرَ سُوَيْدَ بْنَ كُلْثُومٍ الْقُرَشِيَّ

أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ مَا كَانَ اجْتَبَى مِنْهُمُ الَّذِينَ كَانُوا أَمِنُوا وَصَالَحُوا، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْهُمْ، وَقَالَ لَهُمُ الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ عَلَى الْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَنَحْنُ مُعِيدُونَ لَكُمْ أَمَانًا ".

أَمَّا مَا ادَّعَيْنَا مِنْ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْنَا الْمَنْعَةَ أَوْ شَارَكُونَا فِي الذَّبِّ عَنْ حَرِيمِ الْمِلْكِ لَا يُطَالَبُونَ بِالْجِزْيَةِ أَصْلًا، فَعُمْدَتُنَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا صَنِيعُ الصَّحَابَةِ، وَطَرِيقُ عَمَلِهِمْ، فَإِنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِالتَّنَبُّهِ لِغَرَضِ الشَّارِعِ وَأَحَقُّهُمْ بِإِدْرَاكِ سِرِّ الشَّرِيعَةِ. وَالرِّوَايَاتُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ جَمَّةً نَكْتَفِي هُنَا بِقَدْرٍ يَسِيرٍ يُغْنِي عَنْ كَثِيرٍ.

(فَمِنْهَا) كِتَابُ الْعَهْدِ الَّذِي كَتَبَهُ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ أَحَدُ قُوَّادِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِرَزَبَانَ وَأَهْلِ دِهِسْتَانَ وَهَاكَ نَصَّهُ بِعَيْنِهِ " هَذَا كِتَابٌ مِنْ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ لِرَزْبَانِ صُولِ بْنِ رَزَبَانَ وَأَهْلِ دَهِسْتَانَ وَسَائِرِ أَهْلِ جُرْجَانَ، إِنَّ لَكُمُ الذِّمَّةَ وَعَلَيْنَا الْمَنْعَةَ عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْجَزَاءِ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِكُمْ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ وَمَنِ اسْتَعَنَّا بِهِ مِنْكُمْ فَلَهُ جَزَاؤُهُ فِي مَعُونَتِهِ عِوَضًا عَنْ جَزَائِهِ، وَلَهُمُ الْأَمَانُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَمِلَلِهِمْ وَشَرَائِعِهِمْ، وَلَا يُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، شَهِدَ سَوَادُ بْنُ قُطْبَةَ وَهِنْدُ بْنُ عُمَرَ وَسِمَاكُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَعُتَيْبَةُ بْنُ النَّهَّاسِ. وَكَتَبَ فِي سَنَةِ ١٠٨ هـ (طَبَرِيٌّ ص٢٦٥٨) .

(وَمِنْهَا) الَّذِي كَتَبَهُ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ أَحَدُ عُمَّالِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهَذَا نَصُّهُ: هَذَا مَا أَعْطَى عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ عَامِلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلَ أَذْرَبِيجَانَ سَهْلِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>