وَاكْتِسَابِ الْمَالِ وَالْجَاهِ عِنْدَ الْعَوَامِّ، وَلَا تَنْسَ مَا نَقَلْنَاهُ آنِفًا مِنْ تَفْسِيرَيْ مَفَاتِيحِ الْغَيْبِ وَفَتْحِ الْبَيَانِ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٢٤: ٤٠) .
(٨) إِذَا بَحَثَ الْعَالِمُ الْبَصِيرُ عَنْ سَبَبِ عِنَايَةِ كَثِيرٍ مِنَ الْعَوَامِّ بِهَذِهِ الْأَوْرَادِ وَالْأَحْزَابِ وَالصَّلَوَاتِ الْمُبْتَدَعَةِ، وَإِيثَارِهَا عَلَى التَّعَبُّدِ بِالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَبِالْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَعَ إِيمَانِهِمْ بِأَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَأَذْكَارَهُ وَأَدْعِيَتَهُ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّ مَا ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ هُوَ الَّذِي يَلِيهَا فِي الْفَضِيلَةِ، وَفِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهَا حَقًّا فِي دَرَجَتِهِ - لَا يَجِدُ بَعْدَ دِقَّةِ الْبَحْثِ إِلَّا مَا أَرْشَدَتْ إِلَيْهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ شِرْكِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِاتِّخَاذِ رُؤَسَائِهِمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ، بِإِعْطَائِهِمْ حَقَّ التَّشْرِيعِ لِلْعِبَادَاتِ وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ غُلُوًّا فِي تَعْظِيمِهِمْ، وَمُضَاهَأَةُ مُبْتَدِعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا فِي ذَلِكَ كَمَا ضَاهَئُوا هُمْ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْوَثَنِيِّينَ، كَمَا أَنْبَأَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ
ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِقَوْلِهِ الْمَرْوِيِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: " فَمَنْ "؟ وَمَا قَصَّ اللهُ عَلَيْنَا مَا قَصَّ مِنْ كُفْرِهِمْ إِلَّا تَحْذِيرًا لَنَا مِنْ مِثْلِهِ.
فَأَنْتَ إِذَا بَحَثْتَ عَنْ عِبَادَاتِ هَؤُلَاءِ النَّصَارَى مِنْ جَمِيعِ الْفِرَقِ تَجِدُ فِي أَيْدِيهِمْ أَوْرَادًا وَأَحْزَابًا كَثِيرَةً مَنْظُومَةً وَمَنْثُورَةً كُلُّهَا مِنْ وَضْعِ رُؤَسَائِهِمْ، وَلَكِنَّهَا مَمْزُوجَةٌ بِشَيْءٍ مِنْ كُتُبِ أَنْبِيَائِهِمْ كَصِيغَةِ " الصَّلَاةِ الرَّبَّانِيَّةِ " وَبَعْضِ عِبَارَاتِ الْمَزَامِيرِ عِنْدَ النَّصَارَى. وَأَنَّى لِأَهْلِ الْكِتَابِ بِسُوَرٍ كَسُوَرِ الْقُرْآنِ أَوْ بِأَدْعِيَةٍ وَأَذْكَارٍ نَبَوِيَّةٍ كَالْأَذْكَارِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فِي وَصْفِ جَلَالِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى. وَطَلَبِ أَفْضَلِ مَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَعَالَى مِنْ خَيْرِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا؟ وَهَلْ كَانَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَادَةً لِلْأُمَمِ كُلِّهَا فِي فُتُوحِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ إِلَّا بِهِدَايَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؟ وَهَلْ صَارَتِ الشُّعُوبُ تَدْخُلُ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا إِلَّا اهْتِدَاءً بِهِمْ؟ ثُمَّ هَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute