للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ وَلَائِجُ وَدَخَائِلُ مِنْ غَيْرِهِمْ. دُونَ

مَا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ تَشْرِيعٌ، هُوَ حَقُّ اللهِ تَعَالَى، وَتَبْلِيغٌ وَتَنْفِيذٌ: هَمَّا حَقُّ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَهْدِهِ، وَوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ.

(٤) قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) (٩: ٢٤) فَجَعَلَ كَمَالَ الْإِيمَانِ مَشْرُوطًا بِتَفْضِيلِ حُبِّ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ عَلَى كُلِّ مَا يُحَبُّ فِي هَذَا الْعَالَمِ مِنَ النَّاسِ وَالْمَصَالِحِ وَالْمَنَافِعِ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْنَى حَقٍّ وَلَا شَرِكَةَ مَعَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي عِبَادَتِهِ.

(٥) قَوْلُهُ تَعَالَى فِي صِفَاتِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ شَرَعَ قِتَالَهُمْ مِنَ الْآيَةِ (وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ) (٩: ٢٩) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ((رَسُولَهُ)) فِي الْآيَةِ هُوَ الْفَرْدُ الْأَكْمَلُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمُفَسِّرِينَ يُقَابِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ رَسُولُهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ وَهُوَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْيَهُودِ وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلنَّصَارَى.

وَهَلِ الْعَطْفُ فِي الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ قَدْ أَعْطَاهُ اللهُ حَقَّ التَّحْرِيمِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَمْ حَظُّهُ مِنْهُ التَّبْلِيغُ عَنِ اللهِ تَعَالَى نَصًّا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ أَوِ اسْتِنْبَاطًا؟ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي التَّشْرِيعِ الدُّنْيَوِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دُونَ الدِّينِيِّ الْمَحْضِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْأَوَّلِ وَجَعَلُوا مِنْهُ تَحْرِيمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَدِينَةِ كَمَكَّةَ أَنْ يُصَادَ صَيْدُهَا أَوْ يُخْتَلَى خَلَاهَا إِلَخْ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى الثَّانِي وَمِنْهُمُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِالتَّفْصِيلِ.

(٦) قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سَبَبِ مَنْعِ الْمُنَافِقِينَ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ مِنَ الْآيَةِ (أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) (٩: ٥٤) وَمِثْلُهُ فِي سَبَبِ عَدَمِ انْتِفَاعِهِمْ بِاسْتِغْفَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْآيَةِ (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) (٩: ٨٠) وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ الدِّينَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَالْإِيمَانِ بِرَسُولِهِ وَمَا جَاءَ بِهِ، وَأَنَّى يُعْرَفُ اللهُ وَمَا يُرْضِيهِ مِنْ عِبَادَتِهِ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ رُسُلِهِ وَمَا أَوْحَاهُ إِلَيْهِمْ؟

(٧) قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الَّذِينَ لَمَزُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيْ عَابُوهُ فِي قِسْمَةِ الصَّدَقَاتِ وَكَانُوا يَرْضَوْنَ إِذَا أُعْطَوْا وَيَسْخَطُونَ إِذَا مُنِعُوا: (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللهُ

وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولِهِ إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ) (٩: ٥٩) وَالْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ اسْمِ اللهِ وَاسْمِ رَسُولِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الرِّضَاءُ بِمَا آتَيَا وَأَعْطَيَا بِالْفِعْلِ وَالثَّانِي الرَّجَاءُ فِيمَا يُؤْتِيَانِ مِنْ بَعْدُ، فَأَمَّا الْعَطَاءُ مِنَ اللهِ تَعَالَى فَهُوَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْعَمَ وَيُنْعِمُ بِالْغَنَائِمِ فِي الْحَرْبِ وَهُوَ الَّذِي شَرَعَ قِسْمَتَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَجَعَلَ خُمْسَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ الْعَاشِرِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْهَا مُوَاسَاةُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَهُوَ الْمُنْعِمُ بِسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَالَّذِي فَرَضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>