للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَأْثُورٌ عَنْ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمَّا نَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ سَنَدٌ إِلَى مَنْ كَتَبَهُ، وَلَا يَقُومُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ وَحْيٌ مِنَ اللهِ - تَعَالَى -، وَلَكِنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَثَرٌ تَارِيخِيٌّ قَدِيمٌ لَهُ قِيمَتُهُ.

وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ قَامَتِ الْبَرَاهِينُ عَلَى أَنَّهُ كَلَامُ اللهِ وَوَحْيُهُ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ كَمَا فَصَّلْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ أَجْمَعُهَا (كِتَابُ الْوَحْيِ الْمُحَمَّدِيِّ) .

الْإِسْرَائِيلِيَّاتُ فِي تَفْسِيرِ قِصَّةِ نُوحٍ:

وَأَمَّا مَا حَشَا الْمُفَسِّرُونَ بِهِ تَفَاسِيرَهُمْ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَغَيْرِهَا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَلَمْ يُرْفَعْ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَلَا حَسَنٍ. وَأَمْثَلُ مَا رُوِيَ فِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي صُنْعِ السَّفِينَةِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ الْكَافِرِ الَّذِي رَفَعَتْهُ لِيَنْجُوَ فَغَرِقَ مَعَهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنْكَرُ مِنْهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ إِحْيَاءِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِطَلَبِ الْحَوَارِيِّينَ لِحَامِ بْنِ نُوحٍ وَتَحْدِيثِهِ إِيَّاهُمْ عَنِ السَّفِينَةِ فِي طُولِهَا وَعَرْضِهَا وَارْتِفَاعِهَا وَطَبَقَاتِهَا وَمَا فِي كُلٍّ مِنْهَا، وَدُخُولِ الشَّيْطَانِ فِيهَا بِحِيلَةٍ احْتَالَ بِهَا عَلَى نُوحٍ، وَمِنْ وِلَادَةِ خِنْزِيرٍ وَخِنْزِيرَةٍ مِنْ ذَنَبِ الْفِيلِ، وَسِنَّوْرٍ وَسِنَّوْرَةٍ (قَطٍّ وَقِطَّةٍ) مِنْ مَنْخَرِ الْأَسَدِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْأَبَاطِيلِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ الْمُنَفِّرَةِ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ

جُدْعَانَ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَيَحْيَى وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يَغْلُو فِي التَّشَيُّعِ وَمَعَ ذَلِكَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. أَقُولُ: وَحَسْبُهُمْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ حُجَّةً عَلَيْهِ.

خَبَرُ الطُّوفَانِ فِي الْأُمَمِ الْقَدِيمَةِ:

وَقَدْ وَرَدَ فِي تَوَارِيخِ أَكْثَرِ الْأُمَمِ الْقَدِيمَةِ ذِكْرٌ لِلطُّوفَانِ، مِنْهَا الْمُوَافِقُ لِخَبَرِ سِفْرِ التَّكْوِينِ إِلَّا قَلِيلًا، وَمِنْهَا الْمُخَالِفُ لَهُ إِلَّا قَلِيلًا، وَأَقْرَبُ الرِّوَايَاتِ إِلَيْهِ رِوَايَةُ الْكَلْدَانِيِّينَ وَهُمُ الَّذِينَ وَقَعَ الطُّوفَانُ فِي بِلَادِهِمْ، فَقَدْ نَقَلَ عَنْهُمْ بَرْهُوشَعُ وَيُوسُفُوسُ أَنَّ زَيْزَسْتُرُوسَ رَأَى فِي الْحُلْمِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ أُوتِيرْتَ أَنَّ الْمِيَاهَ سَتَطْغَى وَتُغْرِقَ جَمِيعَ الْبَشَرِ، وَأَمَرَهُ بِبِنَاءِ سَفِينَةٍ يَعْتَصِمُ فِيهَا هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَخَاصَّةُ أَصْدِقَائِهِ فَفَعَلَ، وَهُوَ يُوَافِقُ سِفْرَ التَّكْوِينِ فِي أَنَّهُ كَانَ فِي الْأَرْضِ جِيلٌ مِنَ الْجَبَّارِينَ طَغَوْا فِيهَا وَأَكْثَرُوا الْفَسَادَ فَعَاقَبَهُمْ اللهُ بِالطُّوفَانِ، وَقَدْ عَثَرَ بَعْضُ الْإِنْكِلِيزِ عَلَى أَلْوَاحٍ مِنَ الْآجُرِّ نُقِشَتْ فِيهَا هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِالْحُرُوفِ الْمِسْمَارِيَّةِ فِي عَصْرِ أَشُورَ بِانِيبَالَ مِنْ نَحْوِ ٦٦٠ سَنَةً قَبْلَ مِيلَادِ الْمَسِيحِ، وَأَنَّهَا مَنْقُولَةٌ مِنْ كِتَابَةٍ قَدِيمَةٍ مِنَ الْقَرْنِ السَّابِعِ عَشَرَ قَبْلَ الْمَسِيحِ أَوْ قَبْلَهُ، فَهِيَ أَقْدَمُ مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ.

وَرَوَى الْيُونَانُ خَبَرًا عَنِ الطُّوفَانِ أَوْرَدَهُ أَفْلَاطُونُ، وَهُوَ أَنَّ كَهَنَةَ الْمِصْرِيِّينَ قَالُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>