مَسْأَلَةُ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ
قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا أَخَّرُوا السُّحُورَ وَعَجَّلُوا الْفُطُورَ)) . وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَقُولُ اللهُ تَعَالَى إِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعَجَلُهُمْ فِطْرًا)) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ: ((لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُومَ)) رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانٍ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوِدِيِّ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْرَعَ النَّاسِ إِفْطَارًا وَأَبْطَأَهُمْ سُحُورًا - قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَحَادِيثُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السَّحُورِ صِحَاحٌ مُتَوَاتِرَةٌ - يَعْنِي وَاللهُ أَعْلَمُ بِالْعَمَلِ بِهَا.
وَأَمَّا فَصْلُ مَا بَيْنَ السُّحُورِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ فَفِيهِ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَسَأَلَهُ أَنَسٌ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسُّحُورِ؟ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِهِ مِنَ الْفَتْحِ عِنْدَ ذِكْرِ الْآيَاتِ ; أَيْ: مُتَوَسِّطَةٌ لَا طَوِيلَةٌ وَلَا قَصِيرَةٌ وَلَا سَرِيعَةٌ وَلَا بَطِيئَةٌ، وَنَقَلَ عَنِ الْمُهَلَّبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّرُونَ بِالْعَمَلِ وَلَا سِيَّمَا هَذَا الْوَقْتِ ; فَإِنَّهُ وَقْتُ تِلَاوَةٍ وَذِكْرٍ، وَلَوْ كَانُوا يُقَدِّرُونَ بِغَيْرِ الْعَمَلِ لَقَالَ مَثَلًا: قَدْرُ دَرَجَةٍ أَوْ ثُلْثِ أَوْ خُمْسِ سَاعَةً. اهـ. وَأَقُولُ: إِنَّ سُورَةَ فُصِّلَتْ ٥٤ آيَةً مِنْهَا (حم) آيَةٌ. وَسُورَةُ الشُّورَى ٥٣ آيَةً مِنْهَا (حم) آيَةٌ (عسق) آيَةٌ. فَهَذَا قَدْرُ مَا بَيْنَ سَحُورِهِمْ وَصِلَاتِهِمْ لِلْفَجْرِ، وَهُوَ نَحْوُ خَمْسِ دَقَائِقَ.
مَسْأَلَةُ تَحْدِيدِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْعِيدَيْنِ فِي الْأَقْطَارِ
(وَالْعَمَلُ بِالْحِسَابِ الْقَطْعِيِّ)
قَدْ نَشَرْتُ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ مُجَلَّدِ الْمَنَارِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مَقَالًا طَوِيلًا شَرَحْتُ فِيهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ وَذَكَرْتُ أَقْوَالَ الْفُقَهَاءِ وَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَمْصَارِ ثُمَّ لَخَّصْتُ خُلَاصَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْآتِيَةِ:
(١) إِنَّ إِثْبَاتَ أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَوَّلِ شَهْرِ شَوَّالٍ هُوَ كَإِثْبَاتِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَدْ نَاطَهَا الشَّارِعُ كُلَّهَا بِمَا يَسْهُلُ الْعِلْمُ بِهِ عَلَى الْبَدْوِ وَالْحَضَرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِ حِكْمَةِ ذَلِكَ، وَغَرَضُ الشَّارِعِ مِنْ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ لَا التَّعَبُّدُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَلَا بِتَبَيُّنِ الْخَيْطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute