عليه لئلا يتوهم الضرب عليه ويسمى التضبيب والتمريض، والغرض منه الإشارة إلى أن الرواية ثابتة حتى لا يتبادر إلى إصلاحه لتوهم كونه من سهو الكاتب؛ وإذا وقع فيه ما ليس منه فالضرب عليه أولى من الحك والمحو، و"الضرب" أن يخط فوقه خطًا ملتزقًا به ولا يطمسه ويسمى "الشق" وقيل: أن يخط منفصلًا لا ملتزقًا معطوفًا بطرفيه على أوله وآخره كنون مقلوب نحو زيد، وقيل: أن يحرف على أوله نصف دائرة وعلى آخره نصفها نحو (زيد)، وقيل: لا، و"من" في أوله و "إلى" في آخره؛ وإن تكرر حرف يضرب على الثاني، وقيل: يبقى أحسنهما صورة، وقيل: إن كانا أول السطر يضرب على الثاني، وإن كانا آخره يضرب على أوله صيانة للأول والآخر عن الطمس.
ولنلحق بعض فوائد السير ليكون ذا بصيرة في تاريخ وقائع الأخبار والمغازي إجمالًا فلا يشتبه عليها حقائقها:
[فصل في السير من سيرنا المختصر]
في سبب قدوم الحبشة في اليمن
وتعرض أبرهة للكعبة المشرفة ووقوعه تحت ولاية كسرى
يقال: إن رجلًا من بقايا النصارى اسمه فيمون كان صالحًا في نجران مستجاب الدعوة فتبعه كثير من اليهود والمشركين، وفيه سحرة يعلمون الصبيان، ففر صبي من السحرة اسمه عبد الله بن التامر وتبع فيمون فصار أيضًا مستجاب الدعوة وأسلم بيده خلق كثير، فنقمه ملك نجران ذو نواس وقتله وحرق من تبعه في الأخدود، وفيه نزل "قتل أصحاب الأخدود النار" وأفلت رجل من يد ذي نواس إلى قيصر واستنصره، فكتب قيصر إلى النجاشي لينصره، فبعث النجاشي سبعين ألفًا من الحبشة مع أزياط وفي جنوده أبرهة الأشرم، فقدموا اليمن وقاتلوا ذا نواس فانهزم، فأقام أزياط باليمن سنين، ثم قتله أبرهة وغلب على الحبشة؛ فرأى الناس يتجهزون للحج إلى الكعبة فبنى بيتًا بالرخام الأبيض والأحمر والأسود وحلاه بالذهب والجواهر، فتعرض له نفيل الخثعمي ولطخه بالعذرةن فغضب أبرهة غضبًا شديدًا