ووافق يوم البدر التقاء فارس والروم فنصر الروم، ففرح المسلمون بالفتحتين، قال أسامة: فأتانا بشير الفتح حين سوينا التراب على رقيبة بنته صلى الله عيه وسلم زوجة عثمان وكان خلفني عليها مع عثمان، وأبو لهب تخلف عن البدر فمات بالعدسة بعد سبعة أيام، فقدم صلى الله عليه وسلم المدينة وأقام سبعة أيام، ثم غزا يريد بني سليم حتى بلغ الكدد، وأقام عليه ثلاثًا ثم رجع من غير كيد. وفيها قتل عصماء بنت مروان التي تؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وتهجوه بالشعر. وفيها غزاة بني قينقاع وكان قد وادع اليهود حين قدم المدينة على أن لا يعينوا عليه أحدًا وإن دهمه بها عدو نصروه، فلما انصرف من بدر مغنما أظهروا الحسد ونقضوا العهد، فخرج إليهم لنصف شوال فحاصرهم خمس عشرة ليلة، فاستشفع عبد الله بن أبي لأنهم حلفاء قومه، فأجلاهم وغنم أموالهم. وفيها صلى عيد الأضحى بالمصلى، ومات أمية ابن الصلت، وكان قرأ الكتب المتقدمة ورغب عن عبادة الوثن وكان يؤمل أن يكون نبي آخر الزمان، فلما بلغه خروجه صلى الله عليه وسلم كفر به حسدًا، وقال في حق شعره: أمن لسانه وكفر قلبه.
[ثالثة] وفي الثالثة غزاة السويق، وذلك أن أبا سفيان حرم الدهن والغسل من الجنابة حتى يثأر من محمد صلى الله عليه وسلم، فخرج صلى الله عليه وسلم في أثره في مائتي رجل لخامس ذي الحجة، فهربوا وتخفضوا بإلقاء جرب السويق، فانصرف صلى الله عليه وسلم بعد خمسة أيام وأقام بالمدينة بقية ذي الحجة. ثم غزا نجدا وأقام بها الصفر ثم رجع من غير قتال، فلبث في المدينة أكثر ربيع الأول. ثم غزا يريد قريشًا حتى بلغ نجران، فأقام به ربيع الآخر وجمادي الأولى، ورجع من غير كيد وأقام إلى شوال. ثم بعث سرية زيد بن حارثة على القردة، فوجدوا فيها عير تجارة فيه أبو سفيان مع فضة كثيرة، فأصابوا تلك العير وما فيها. وفيها قتل محمد بن مسلمة كعب بن الأشرف