وقال: إنما فعلته العرب! لأنقضن بيتهم حجرًا حجرًا! وكتب إلى النجاشي يخبره، فأرسل إليه الفيل وأمره أن يسير إليه بالفيل، فلما دنا من الحرم أمر أصحابه بالغارة، فأصابوا مائتي إبل لعبد المطلب، فدخل عبد المطلب على أبرهة، فأكرمه ونزل عن سريره وجلس معه، فطلب منه رد الإبل فقال: سقطت عني! ظننت أنك تكلمني في بيتكم الذي هو شرفكم! فقال: اردد عليّ إبلي ودونك البيت فإن له ربا سيمنعه! فأمر برد إبله، فأوفى عبد المطلب وأتباعه على حراء فقال:
لاهم! إن العبد يمـ ... ـنع رحله فامنع رحالك
لا يغلبن صليبهم ... ومحالهم عدوا محالك
جروا جموع بلادهم ... والفيل كي يبوا عيالك
عموا حماك بكيدهم ... جهلا وما رقبوا جلالك
إن كنت تاركهم وكعـ ... بتنا فأمر ما بدا لك
فسلط عليهم أبابيل فأهلكوا، وانصدع صدر أبرهة فمات، وملك ابنه يكسوم وهلك، فملك أخوه مسروق، فخرج سيف بن ذي يزن الحميري إلى قيصر يشكو أمر الحبشة ليخرجهم ويليهم هو فلم يشكه، فتوسل بنعمان بن المنذر على كسرى، فأجاب بأن بعدت بلادك مع قلة خيرها فلم أكن أسلط فارسًا بأرض العرب، ثم أجازه بعشرة آلاف درهم، فجعل سيف ينثر ذلك الورق ويقول: إن جبال أرضي ما فيها إلا ذهب وفضة، فرغب فيه كسرى فأرسل إليهم رجالًا حبسهم في السجن للقتل وكانوا ثمانمائة، وأمر عليهم وهرز، فقاتل الحبشة وملك اليمن، وكان ملك الحبشة اثنتين وسبعين سنة، فلما مات وهرز أمر كسرى ابنه ثم ابن ابنه، ثم عزله وأمر بأذان، فلم يزل واليًا عليها حتى بعث صلى الله عليه وسلم - كما يجيء.
[بيان نسبه]
اعلم أن من كان من ولد النضر بن كنانة فهو قرشي، لأن الله اختاره